[ المنظومةُ المكِّيَّةُ في الآدابِ التُّوِيتَرِيَّة ]
وتصلح للواتس أيضا
يَا أَخَا الغَيْثِ إِذَا الغَيْثُ انْسَكَبْ ***
يَا شَقِيقَ الرُّوحِ والحُبُّ تَعَبْ
إِنَّ لِلتَّغْرِيدِ آدَابَاً كَمَا ***
أَنَّ لِلْقَـــــوْلِ حُـــــدُوْدَاً وَأَدَبْ
فَإِذَا غَرَّدْتَ يَوْمَاً فَلْتَكُنْ ***
وَاضِحَ القَصْدِ عَلَى سَنِّ العَرَبْ
وَتَخَيَّرْ جَيِّدَ اللَّفْظِ لَهُ ***
إِنَّ خَيْرَ اللَّفْظِ لَفْظٌ مُنْتَخَبْ
وَاحْتَسِبْ أَجْرَاً عَلَى مَا قُلْتَهُ ***
فَازَ مَنْ أَخْلَصَ فِيهِ وَاحْتَسَبْ
وَإِذَا نُوْقِشْتَ فِي أَمْرٍ فَلَا ***
تُظْهِرِ السُّخْطَ وَلَا تُبْدِ الغَضَبْ
وَاسْتَمِعْ لِلنَّاسِ فِي اسْتِدْرَاكِهِمْ ***
رُبَّ تِلْمِيذٍ أَتى مِنْهُ العَجَبْ
وَاحْذَرِ التَّفْرِيقَ : هَذَا صَاحِبٌ ***
وَلَهُ مَرْتَبَةٌ فَوْقَ الرُّتَبْ
فَإِذَا عَلَّقَ تَدْنُو نَحْوَهُ ***
بَاسِمَ الثَّغْرِ وَإِنْ يَسْأَلْ يُجَبْ
وَبَعِيدٌ يَبْتَغِي قُرْبَاً فَلَا ***
يَجْتَنِي مِنْ جُهْدِهِ إِلَّا التَّعَبْ
لَيْتَ شِعْرِيْ كَيْفَ يُرْجَى مَنْ إِذَا ***
أَطْلَقَ التَّغْرِيدَ فِي أَمْرٍ هَرَبْ ؟!
هُوَ يُمْلِيْ حِكَمَاً مِنْ فَيْضِهِ ***
وَأَنَا أَقْبَلُ رَغْمَاً مَا كَتَبْ
لا نِقَاشٌ لا حِوَارٌ إِنَّمَا ***
يَتَلَقَّى الشَّعْبُ مِنْهُ مَا وَهَبْ
إِنْ تَكُنْ تَغْرِيدَةٌ مِنْ فِضَّةٍ ***
فَمَعَ (الرِّيتْوِيتِ) تَغْدُو مِنْ ذَهَبْ
فَاحْتَسِبْ يَا صَاحِ أَجْرَاً رُبَّمَا ***
بُلِّغَ الْخَيْرُ لِذِيْ حَقٍّ وَجَب
وَاقْتَصِدْ فِي ذَاكَ مَنْعَاً لِلْأَذَى ***
كَثْرَةُ (التَّدْوِيرِ) مِنْ إِحْدَى الكُرَب
وَتَخَيَّرْ مِنْهُ شَيْئَاً رائِقَاً ***
لا(تُرَتْوِتْ) كُلَّ مَا هَبَّ وَدَبْ
لا تُرَوِّجْ شَائِعَاتٍ مُعْجِلاً ***
وَتَثَبَّتْ رُبَّ غِرِّيْدٍ كَذَبْ
وَانْسُبِ القَوْلَ إِلَى أَصْحَابِهِ ***
لَيْسَ حَقُّ النَّاسِ سَيْبَاً مُنْتَهَبْ
كَمْ رَأَيْنَا مِنْ فَتَىً مُنْتَفِشَاً ***
يَتَزَيَّا زِيَّ أَرْبَابِ الأَدَبْ
فَإِذَا غَرَّدَ أَطْرَقْنَا لَهُ ***
وَإِذَا قَالَ جَثَوْنَا بِالرُّكَبْ
وَهْوَ هَجَّامٌ سَرُوقٌ بَائِقٌ ***
يَسْرِقُ الكُحْلَ وَلا يُؤْذِيْ الْهَدَبْ
لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ عُصْفُورَاً فَكَمْ ***
مِنْ غُرَابٍ رَاعَنِيْ لَمَّا نَعَبْ
فَاعْرِفِ الخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ وَلا ***
تَكُ كَالأَعْشَى إِذَا الأَعْشَى احْتَطَبْ
وَإِذَا تَابَعْتَ شَخْصَاً فَلْتَكُنْ ***
مُحْسِنَ الظَّنِّ وَلا تُلْقِ الرِّيَبَ
وَاْحْذَرِ النَّقْدَ فَلَا تَعْجَلْ بِهِ ***
وَتَأَمَّلْ رُبَّمَا بَرْقٌ خَلَبْ
لا تَكُنْ مِمَّنْ إِذَا أَمْرٌ بَدَا ***
كَتَمَ الحُسْنَ وَغَطَّى وَحَجَبْ
وَأَبَانَ العَيْبَ تَشْهِيْرَاً بِهِ ***
كُلَّمَا أَبْصَرَ إِبْدَاعَاً ثَلَبْ
أَوْ كَمَنْ يَرْضَى إِذَا وَافَقْتَهُ ***
وَإِذَا خَالَفْتَهُ يَوْمَاً (قَلَبْ)
لا تُتَاِبْع ذَا ضَلَالٍ بَيِّنٍ ***
أَنْتَ لا تَجْنِي مِنَ الشَّوْكِ العِنَبْ
أَوْ أَخَا فِكْرٍ سَقِيْمٍ بَارِدٍ ***
إنْ رَأَى غِرَّةَ أَتْبَاعٍ وَثَبْ
أَوْ فَتَاةٍ جَعَلَتْ صُوْرَتَها ***
فِتْنَةً يَغْدُوْ بِهَا القَلْبُ شُعَبْ
وَاحْذَرِ الأَلْقَابَ كَمْ فِيْ جَوْفِهَا ***
مِنْ سَرَابٍ ، إِنَّما العِلْمُ اللَّقَبْ
أَوْجِزِ القَوْلَ وَلا تُطْنِبْ بِهِ **
إِنَّما الإِطْنَابُ فِي نَسْجِ الخُطَبْ
لا تُغَرِّدْ كُلَّ وَقْتٍ وَاجْتَنِبْ ***
سَاعَةً إِنْ جِئْتَ تَغْرِيداً تُعَبْ
وَإِذَا مَا كُنْتَ فِي سَيَّارَةٍ ***
لا تُغَرِّدْ إِنَّ فِي ذَاْكَ العَطَبْ
أَوْ تَكُنْ فِي مَجْلِسٍ يُرْجَى بِهِ ***
أَنْ تَنَالَ البِرَّ مِنْ أُمٍّ وَأَبْ
وَإِذَا أَلْقَيْتَ جَنْبَاً لِلْكَرَى ***
فَاْحْذَرِ التَّغْرِيْدَ إِنْ نَوْمٌ غَلَبْ
قَدْ مَحَضْتُ النُّصْحَ أَبْغِي أَجْرَهُ ***
وَهْوَ لِيْ –وَاللهِ- أَوْلَى وَأَحَبْ
فَاقْبَلَنْ بَوْحَ مُحِبٍّ صَادِقٍ ***
كالنَّمِيْرِ العَذْبِ أَوْ شَهْدِ (الحَدَبْ)
علي بن حسن الحارثي
مكة المكرمة
11/11/ 1433هـ.
|