الشاعر : بدوي الجبل
الكعبة الزهراء
بنورٍ على أم القــرى وبطيبِ = غسلت فؤادي من أسى ولهيب
لثمت الثرى سبعاً وكحلت مقلتي = بحسن كأسرار السماء مهيب
وأمسكت قلبي لا يطير إلى (منى) = بأعبائه من لهفة ووجيب
فيا مهجتي : وادي الأمين محمدٍ = خصيب الهدى : والزرع غير خصيب
هنا الكعبة الزهراء . والوحي والشذا = هنا النور . فافني في هواه وذوبي
ويا مهجتي بين الحطيم وزمرم = تركت دموعي شافعاً لذنوبي
وفي الكعبة الزهراء زينتُ لوعتي = وعطر أبواب السماء نحيبي
مواكب كالأمواج، عجّ دعاؤها = ونار الضحى حمراء ذات شبوب
ورددت الصحراء شرقاً ومغرباً = صدى نغم من لوعةٍ ورتوب
تلاقوا عليها، من غني ومعدم = ومن صبية زغب الجناح وشيب
نظائرُ فيها : بردهم برد محرم = يضوعُ شذا : والقلب قلبُ منيبِ
أناخوا الذنوب المثقلات لواغباً = بأفيح – من عفو الإله – رحيب
أرى بخيال السحب خطو محمد = على مخصبٍ من بيدها وجديب
وسمر خيام مزق الصمت عندها = حماحم خيل بشرت بركوب
وناراً على نجدٍ من الرمل أوقدت = لنجدة محروم وغوث حريب
وتكبيرة في الفجر سالت مع الصبا = نعيم فياف واخضلال سهوب
أشم الرمال السمر في كل حفنة = من الرمل ، دنيا من هوى وطيوب
على كل نجدٍ منه نفحُ ملائك = وفي كل واد منه سر غيوب
توحدت بالصحراء حتى مغيبها = ومشهدها من مشهدي ومغيبي
ومن هذه الصحراء، أنوار مرسل = ورايات منصور . وبدع خطيب
ومن هذه الصحراء، شعر تبرجت = به كل سكرى بالدلال عروب
تعطر في أنغامه ورحيقه = ورياه عطري مبسم وسبيب
ترش النجوم النور فيها ممسكا = فأترع أحلامي وأهرق كوبي
وما أكرم الصحراء .. تصدى .. ونمنمت = لنا برد ظل كالنعيم رطيب