أولاً : الشعر الفصيح
هذه قصيدة الجرهمي والبعض ينسبها إلى عمرو بن مضاض وقد تكون من أقدم ما قيل في مكة
وقائلة والدمع سـكـبٌ مبادر = وقد شرقت بالدمع منها المحاجرُ
كأن لم يكن بالحجون إلى الصفا = أنيسٌ ولم يسمر بمكّة سامرُ
ولم يتربع واسطاً فـجـنوبه = إلى المنحنى من ذي الأراكة حاضرُ
فقلت لها والقلب منّي كأنّما = يُلجـلجـه بين الجـناحين طائر
بلى نحن كنا أهلها فأزالنا = صروف الليالي والجدود العـواثر
وكنا ولاة البيت من بعد نابتٍ = بعزٍّ فما يحظى لدينا المكاثر
ملكنا فعزّزنا فأعظم بملكنا = فليس لحيٍّ غيرنا ثمَّ فاخر
ألم تنكحوا من خير شخصٍ علمته = فأبناؤه منّا ونحن الأصاهر
فإن تنثن الدنيا علينا بحالها = فإنّ لها حالاً وفيها التشاجر
فأخرجنا منها المليك بقدرةٍ = كذلك ياللناس تجري المقادر
أقول إذا نام الخلي ولم أنم = إذا العرش لا يبعد سهيل وعامر
وبدلت منها أوجهاً لا أحبها = قبائل منها حمير ويحابر
وصرنا أحاديثاً وكنا بغبطةٍ = بذلك عضتنا السنون الغوابر
فسحّت دموع العين تبكي لبلدةٍ = بها حرم أمنٌ وفيها المشاعر
وتبكي لبيتٍ ليس يؤذي حمامه = يظلّ بها أمنا وفيه العصافر
وفيه وحوش لا تُرابُ أنيسةٌ = إذا خرجت منه فليست تغادر
قال عبدالله بن الزبعرى في وقعة الفيل :
تنكلوا عن بطن مكة إنها = كانت قديما لا يرام حريمها
لم تخلق الشعرى ليالي حرمت = إذ لا عزيز من الأنام يرومها
سائل أمير الجيش عنها ما رأى = ولسوف يُنبي الجاهلين عليمها
ستون ألفا لم يئوبوا أرضهم = ولم يعش بعد الإياب سقيمها
كانت بها عاد وجرهم قبلهم = والله من فوق العباد يقيمها
وقال أمية بن أبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي :
فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا = بأركان هذا البيت بين الأخاشب
فعندكم منه بلاء مصدق = غداة أبى يكسوم هادى الكتائب
كتيبته بالسهل تمسي ورجله = على القاذفات في رءوس المناقب
فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم = جنود المليك بين ساف وحاصب
فولوا سراعا هاربين ولم يؤب = إلى أهله ملحبش غير عصائب
ويقول أيضاً :
إن آيات ربنا ثاقبات = لا يماري فيهن إلا الكفورُ
خلق الليل والنهار فكل = مستبين حسابه مقدور
ثم يجلو النهار رب رحيم = بمهاة شعاعها منشور
حبس الفيل بالمغمس حتى = ظل يحبو كأنه معقور
لازما حلقة الجران كما قطر = من صخر كبكب محدور
حوله من ملوك كندة أبطال = ملاويث في الحروب صقور
خلفوه ثم اذعرُّوا جميعا = كلهم عظم ساقه مكسور
كل دين يوم القيامة عندالله = إلا دين الحنيفة بور