![]() |
مكة المكرمة ... قصيدة الجمال التي لم تكتب بعد !
إني لأعلم أنكِ أحبُّ البلاد إليَّ، وأنكِ أحبُّ أرض الله إلى الله، ولولا أنَّ المشركين أخرجوني منك ما خرجت! (محمد صلى الله عليه وسلم) "لولا الهجرةُ لسكنتُ مكة، فإني لم أرَ السماء بمكان أقربَ إلى الأرضِ منها بمكة، ولم يطمئنَّ قلبي ببلد قطُّ ما اطمأنَّ بمكة، ولم أرَ القمر بمكانٍ أحسنَ منه بمكة!" (عائشة بنت الصديق/ رضي الله عنهما) مكة المكرمة قصيدة الجمال التي لم تُكتب. مكة المدينة التي كلما اقتربت منها الكلمات تحوّلت إلى فراشات ملوّنة ، وهتافات روحانية ، تذوب فيها الكلمات جلالاً وقدسيّة. مكة شئ فوق الشِعر ، مهما كان الكلام جميلاً تظل مكة أجمل لأنها لؤلؤة المستحيل التي عجز كل البحارة عن الإمساك بها. في هذه اللوحات حاولت الاقتراب من جلال المقدّس ، فكان في الكلمات شئٌ من هذا الجلال ، ليس من جمال الشعر ، ولكنه من جلال المكان ! إنها وقفة في هذا المحراب حسبي أنني محب ، والعشاق في ساعات اللقاء لايحسنون ترتيب الكلمات. إن تكن متناسقة فهي نسق الروح حين تسبح في عوالم الله ، وإن تكن غير ذلك فإنها دهشة العاشق في حضرة المعشوق ! الإخوة والأخوات فيما يلي يسعدني أن أقدم لكم مجموعة من أروع ما قيل عن مكة المكرمة في الشعر العربي كما تسعدني مشاركاتكم في الموضوع وفق الضوابط التالية : (1) أن تكون الردود في صلب الموضوع نفسه . (2) قبل المشاركة بقصيدة أو نص أدبي عن مكة المكرمة يجب التأكد أن هذه المشاركة لم ترد في الموضوع الأساسي ، وذلك منعاً للتكرار. (3) المشاركات يجب أن تكون خالية من الأخطاء الإملائية أو النحوية ، وبالنسبة للقصائد يجب أن تكون قصائد موزونة. (4) عند نقل النص الأدبي يجب ذكر المصدر ! |
أولاً : الشعر الفصيح
هذه قصيدة الجرهمي والبعض ينسبها إلى عمرو بن مضاض وقد تكون من أقدم ما قيل في مكة
وقائلة والدمع سـكـبٌ مبادر = وقد شرقت بالدمع منها المحاجرُ كأن لم يكن بالحجون إلى الصفا = أنيسٌ ولم يسمر بمكّة سامرُ ولم يتربع واسطاً فـجـنوبه = إلى المنحنى من ذي الأراكة حاضرُ فقلت لها والقلب منّي كأنّما = يُلجـلجـه بين الجـناحين طائر بلى نحن كنا أهلها فأزالنا = صروف الليالي والجدود العـواثر وكنا ولاة البيت من بعد نابتٍ = بعزٍّ فما يحظى لدينا المكاثر ملكنا فعزّزنا فأعظم بملكنا = فليس لحيٍّ غيرنا ثمَّ فاخر ألم تنكحوا من خير شخصٍ علمته = فأبناؤه منّا ونحن الأصاهر فإن تنثن الدنيا علينا بحالها = فإنّ لها حالاً وفيها التشاجر فأخرجنا منها المليك بقدرةٍ = كذلك ياللناس تجري المقادر أقول إذا نام الخلي ولم أنم = إذا العرش لا يبعد سهيل وعامر وبدلت منها أوجهاً لا أحبها = قبائل منها حمير ويحابر وصرنا أحاديثاً وكنا بغبطةٍ = بذلك عضتنا السنون الغوابر فسحّت دموع العين تبكي لبلدةٍ = بها حرم أمنٌ وفيها المشاعر وتبكي لبيتٍ ليس يؤذي حمامه = يظلّ بها أمنا وفيه العصافر وفيه وحوش لا تُرابُ أنيسةٌ = إذا خرجت منه فليست تغادر قال عبدالله بن الزبعرى في وقعة الفيل :
تنكلوا عن بطن مكة إنها = كانت قديما لا يرام حريمها لم تخلق الشعرى ليالي حرمت = إذ لا عزيز من الأنام يرومها سائل أمير الجيش عنها ما رأى = ولسوف يُنبي الجاهلين عليمها ستون ألفا لم يئوبوا أرضهم = ولم يعش بعد الإياب سقيمها كانت بها عاد وجرهم قبلهم = والله من فوق العباد يقيمها وقال أمية بن أبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي :
فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا = بأركان هذا البيت بين الأخاشب فعندكم منه بلاء مصدق = غداة أبى يكسوم هادى الكتائب كتيبته بالسهل تمسي ورجله = على القاذفات في رءوس المناقب فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم = جنود المليك بين ساف وحاصب فولوا سراعا هاربين ولم يؤب = إلى أهله ملحبش غير عصائب ويقول أيضاً :
إن آيات ربنا ثاقبات = لا يماري فيهن إلا الكفورُ خلق الليل والنهار فكل = مستبين حسابه مقدور ثم يجلو النهار رب رحيم = بمهاة شعاعها منشور حبس الفيل بالمغمس حتى = ظل يحبو كأنه معقور لازما حلقة الجران كما قطر = من صخر كبكب محدور حوله من ملوك كندة أبطال = ملاويث في الحروب صقور خلفوه ثم اذعرُّوا جميعا = كلهم عظم ساقه مكسور كل دين يوم القيامة عندالله = إلا دين الحنيفة بور |
وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه عند فتح مكة :
عفت ذات الأصابع فالجواء = إلى عذراء منزلهـا خـلاء ديار من بني الحسحاس قفر = تعفيها الروامس والسمـاء وكانت لا يزال بها أنيـس = خلال مروجها نعم وشـاء فدع هذا ولكن من لطيـف = يؤرقني إذا ذهب العشـاء لشعثاء التـي قـد تيمتـه = فليس لقلبه منهـا شفـاء كأن خبيئة من بيـت رأس = يكون مزاجها عسل ومـاء إذا ما الأشربات ذكرن يوما = فهن لطيب الـراح الفـداء فوليها الملامـة إن ألمنـا = إذا ما كان مغث أو لحـاء ونشربها فتتركنـا ملوكـا = وأسدا ما ينهنهنـا اللقـاء عدمنا خيلنا إن لم تروهـا = تثير النقع موعدهـا كـداء ينازعن الأعنـة مصغيـات = على أكتافها الأسل الظمـاء تظـل جيادنـا متمطـرات = يلطمهن بالخمـر النسـاء فإما تعرضوا عنا اعتمرنـا = وكان الفتح وانكشف الغطاء وإلا فاصبروا لجـلاد يـوم = يعين الله فيه مـن يشـاء وجبريل رسـول الله فينـا = وروح القدس ليس له كفاء وقال الله قد أرسلت عبـدا = يقول الحق إن نفع البـلاء شهدت به فقوموا صدقوه = فقلتم لا نقـوم ولا نشـاء وقال الله قد سيرت جنـدا = هم الأنصار عرضتها اللقاء لنا في كل يوم مـن معـد = سباب أو قتـال أو هجـاء فنحكم بالقوافي من هجانـا = ونضرب حين تختلط الدماء ألا أبلغ أبا سفيـان عنـي = مغلغلة فقد بـرح الخفـاء بأن سيوفنا تركتـك عبـدا = وعبد الدار سادتها الإمـاء هجوت محمدا وأجبت عنه = وعند الله في ذاك الجـزاء أتهجوه ولست له بكـفء = فشركما لخيركمـا الفـداء هجوت مباركا بـرا حنيفـا = أمين الله شيمتـه الوفـاء أمن يهجو رسول الله منكم = ويمدحه وينصره سـواء ؟ فإن أبي ووالده وعرضـي = لعرض محمد منكم وقـاء لساني صارم لا عيب فيـه = وبحري لا تكـدره الـدلاء مما أورده مؤرخ مكة المشهور (محمد بن اسحاق الفاكهي) في كتابه (أخبار مكة، ج4،ص60) تلك الأبيات التي يرثي فيها الشاعر كثير بن كثير بن المطلب السهمي أهل الحجون.
عينيّ جودي بعبرة أسراب = بدموع كثيرة التسكابِ إن أهل الحصاب قد تركوني = موزعا مولعا بأهل الخرابِ كم بذاك الحجون من حي صدق = من كهول أعفة وشبابِ سكنوا الجزع جزع بيت أبي = موسى إلى النخل من صفي السبابِ أهل دار تتابعوا للمنايا = ما على الدهر من بعدهم من عتابِ فارقوني وقد علمت يقينا = ما لمن ذاق ميتة من إيابِ أحزنتني حمولهم يوم ولوا = من بلادي وآذنوا بالذهابِ فلي الويل بعدهم وعليهم = صرت خلواً وملني أصحابي قالت سُبَيعة بنت الأحبّ، وكانت عند عبد مناف بن كعب، لابن لها منه يقال له خالد، تعظِّم عليه حُرمة مكة، وتنهاه عن البغي فيها : أبُنَـيَّ لا تظلِـم بمكَّـة لا الصغيـرَ ولا الكبيــرْ واحفـظ مَحـارمَهـا بُنَـيَّ ولا يغرّنْـك الغَـرورْ أبُنَـيَّ مـن يظلـم بمكَّـة يلـق أطْـرافَ الشُّرورْ أبُنَـيَّ يُضْـربْ وجهـهُ ويَلـُحْ بخدّيـه السَّـعيـرْ أبُنَـيَّ قـد جَرّبتهـا فوجدتُ ظالمهـا يبـور(1) الله أمّـنهـا ومـَا بُنيـت بعَـرْصتهـا قُصورْ والله أمن طيرَهــا والعُصم(2)تأمن في ثَبيرْ(3) ولـقد غزاهـا تُبَّــع فكسـا بَنيَّتهـا الحَبير(4) وأذلّ ربــي مُلـكَـه فيهـا فأوفـى بالنُّـذورْ يمشـي إليهـا حافيـاً بفنـائهـا ألفـا بعيـرْ ويظلّ يُطعم أهلَهـا لحمَ المَهارى(5) والجَـزورْ يَسقيهمُ العسـلَ المُصفّى والرّحيض(6) من الشعيرْ والفيل أُهلـك جيشـه يرمون فيهـا بالصخـورْ والملْك في أقصى البلاد وفي الأعاجم والخزير(7) فاسمع إذا حُدّثـتَ وافهـم كيف عاقبـة الأمـورْ الهوامش: (1) يبور: يهلك. (2) العصم: الوعول، لأنها تعتصم بالجبال. (3) ثبير: جبل في مكة. (4) بنيتها: يعني الكعبة. والحبير: ضرب من ثياب اليمن موشَّى. (5) المهارى: الإبل العراب النجيبة. (6) الرحيض: المنتقى، والمصفى. (7) الخزير: أمة من العجم، ويقال لها الخزر أيضاً. |
أمير الشعراء
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي ، في قصيدة بعنوان ( إلى عرفات الله ) :
إلى عرفات الله ياخير زائر = عليك سلام الله في عرفاتِ ويوم تولي وجهة البيت ناظرا = وسيما مجال البشر و القسماتِ على كل أفق بالحجاز ملائك = تزف تحايا الله والبركاتِ لدى الباب جبريل الأمين براحه = رسائل رحمانية النفحاتِ وفي الكعبة الغراء ركن مرحب = بكعبة قصاد وركن عفاتِ وماسكب الميزاب ماء وإنما = أفاض عليك الأجلار و الرحماتِ وزمزم تجري بين عينيك أعينا = من الكوثر المعسول منفجراتِ لك الدين يارب الحجيج جمعتهم = لبيت طهور الساح والعرصاتِ أرى الناس أصنافا ومن كل بقعة = إليك انتهوا من غربة و شتاتِ تساووا فلا الأنساب فيها تفاوت = لديك ولا الأقدار مختلفاتِ عنت لك في الترب المقدس جبهة = يدين لها العاتي من الجبهاتِ وركب كإقبال الزمان محجل = كريم الحواشي كابر الخطواتِ يسير بأرض أخرجت خير أمة = وتحت سماء الوحي والسوراتِ يفيض عليها اليمن في غدواته = ويضفي عليها الأمن في الروحاتِ عبادك في شرق البلاد وغربها = كأصحاب كهف في عميق سباتِ بأيمانهم نوران ذكر وسنة = فمابالهم في حالك الظلماتِ وذلك ماضي مجدهم وفخارهم = فما ضرهم لو يعملون لآتي وهذا زمان أرضه وسماؤه = مجال لمقدام كبير حياةِ مشى فيه قوم في السماء و أقاموا = بوارج في الأبراج ممتنعاتِ فقل رب وفق للعظائم أمتي = وزين لها الأفعال و العزماتِ |
سعيد عقل
الشاعر : سعيد عقل
غنيتُ مكة َ
غنيت مكة أهلها الصيدا = والعيد يملأ أضلعي عيدا فرحوا فلألأ تحت كل سما = بيت على بيت الهدى زيدا وعلا أسم رب العالمين على = بنيانهم كالشهب ممدودا يا قارئ القرآن صل لهم = أهلي هناك و طيب البيدا من راكعٍ و يداه آنستا = أن ليس يبقى الباب موصودا أنا أينما صلى الأنام رأت = عيني السماء تفتحت جودا لو رملة هتفت بمبدعها = شجواً لكنت لشجوها عودا ضج الحجيج هناك فاشتبكي = بفمي هنا يا ورق تغريدا وأعز رب الناس كلهم = بيضا فلا فرقت أو سودا لا قفرة إلا و تخصبها = إلا و يعطي العطر لا عودا الأرض ربي وردة وعدت = بك أنت تقطف فارو موعودا و جمال وجهك لا يزال رجا = يرجى، و كل سواه مردودا |
بدوي الجبل
الشاعر : بدوي الجبل
الكعبة الزهراء
بنورٍ على أم القــرى وبطيبِ = غسلت فؤادي من أسى ولهيب لثمت الثرى سبعاً وكحلت مقلتي = بحسن كأسرار السماء مهيب وأمسكت قلبي لا يطير إلى (منى) = بأعبائه من لهفة ووجيب فيا مهجتي : وادي الأمين محمدٍ = خصيب الهدى : والزرع غير خصيب هنا الكعبة الزهراء . والوحي والشذا = هنا النور . فافني في هواه وذوبي ويا مهجتي بين الحطيم وزمرم = تركت دموعي شافعاً لذنوبي وفي الكعبة الزهراء زينتُ لوعتي = وعطر أبواب السماء نحيبي مواكب كالأمواج، عجّ دعاؤها = ونار الضحى حمراء ذات شبوب ورددت الصحراء شرقاً ومغرباً = صدى نغم من لوعةٍ ورتوب تلاقوا عليها، من غني ومعدم = ومن صبية زغب الجناح وشيب نظائرُ فيها : بردهم برد محرم = يضوعُ شذا : والقلب قلبُ منيبِ أناخوا الذنوب المثقلات لواغباً = بأفيح – من عفو الإله – رحيب أرى بخيال السحب خطو محمد = على مخصبٍ من بيدها وجديب وسمر خيام مزق الصمت عندها = حماحم خيل بشرت بركوب وناراً على نجدٍ من الرمل أوقدت = لنجدة محروم وغوث حريب وتكبيرة في الفجر سالت مع الصبا = نعيم فياف واخضلال سهوب أشم الرمال السمر في كل حفنة = من الرمل ، دنيا من هوى وطيوب على كل نجدٍ منه نفحُ ملائك = وفي كل واد منه سر غيوب توحدت بالصحراء حتى مغيبها = ومشهدها من مشهدي ومغيبي ومن هذه الصحراء، أنوار مرسل = ورايات منصور . وبدع خطيب ومن هذه الصحراء، شعر تبرجت = به كل سكرى بالدلال عروب تعطر في أنغامه ورحيقه = ورياه عطري مبسم وسبيب ترش النجوم النور فيها ممسكا = فأترع أحلامي وأهرق كوبي وما أكرم الصحراء .. تصدى .. ونمنمت = لنا برد ظل كالنعيم رطيب |
أحمد الصافي
الشاعر أحمد الصافي
خذني إلى (البيتِ)تسعى في جوانبه = نســـــائم بأمان الله تنتشرُ في بطن مكـــة قدسي الشعاع سرى = فما تحسُ سوى الأنوار تنهمرُ في كل ركــن وللــتسبيح هيــمنة = وكم يهزك من تحنــانه وترُ تعــال نشرب صفاء الــود كوثــره = هذا المعين فلا طين ولا كدرُ تعـــال نســع إلــى روض تظــلله = سحابة الأرض لا خوف ولا خطرُ وفــي مـــقام خلــيل الله موقفــنا = والركعتان جنان الأرض تختصرُ |
سعيد الهندي
الشاعر سعيد الهندي
وبها الأركان والبيت الذي = شدّ بالإيمان أزر المسلمين أسعد الله بها من أسعدا = جاور الركن وحيا المسجدا قف بهذا السفح قرب العلم = وانهل الطيب شذا من زمزم وطف البيت طواف المحرم = واعتمر لله رب العالمين من ذراها نزل الروح الأمين = في ثراها وضع الحق المبين |
عبد الله شمس الدين - إبراهيم علاف
الشاعر عبد الله شمس الدين
بوركت يا أم القرى
بوركت يا أم القرى من بقعة = خلعت عليها البنيات إهابها زف الخليل إليك إسماعيل فالتـ = قت هضابك بالجلال وبالبها وأتى الختام المرسلين مبشرا = بالنور يجلي للنهى ما رابها وغدوت بالبيت العتيق منارة = أبدًا تردد هديها وثوابها وعدت مروجا كالرياض وجنة = رضوان فتح للحنيفة بابها الشاعر إبراهيم خليل علاف أم القرى
اخترتُ مكّةَ وارتضيتُ حماها = هي مولدي ,هي منشأي ,أهواها أكرم بها ,ولأرضها ,وسمائها = وبماء زمزم ناجعا غذاهـا وبما اصطفت من قبلة ميمونة = جذبت قلوباً حولها وجباها قد خاب إبرهةُ الغشوم فلم ينل = إلا هلاكاً حين رام أذاها كم طفت أرجو أن أكون حجابها = وقناعها وأعيشُ في ذكراها وإطارها الفضي يحضن قلبها = متجلياً قـــد باركَ الأفواها هي حبة في قلب مكة حفـها = فضل الإلهِ وبالجلال كساها والناس وفدٌ تلو وفدٍ حولها = من كل فج يسألون الله بطحاء مكة كل شبر باسم = بالنور منك وفــي العطاء تناهى قد زاده ميلاد أحمد رفعـةً = وعلى حراءٍ قد تكلل جاها |
تاج الدين المالكي
الشاعر : تاج الدين المالكي
جيران مكة غرس الدين أينع في = قلوبهم باسقا يهدي الهدى ثمرا سقوه من أنهر الاخلاص صافيها = فاخضل يطلع من أكمامها زهرا ومن يكن روض غرس الدين مهجته = أسرى وفاز بسر السر حين سرا به قد اتحدوا إذ كان بينهم = تواصل معنوى من ألست جرى فحيث دارت كؤس الاتحاد على = الارواح ما اعتبر الاشباح والصورا الشاعر : يحي السماوي
قف يا ابن دجلة لاح نور قبابها = فامسك فؤادك قد يفر لِبَابِها وأطلْ سجودك يا ابن دجلة شاكراً = وانثر على جُرحَيك من أعشابها واغسل بماء الذكر ثغرك ،ربما = بالأمس كنتَ خطبتَ غير خُطابها أوصى بها الرحمن فهي عظيمةٌ = منْ غيرها الرحمن قد أوصى بها؟ لو لم تكن خيرَ البلاد على الثرى = ماكان بيتُ اللهِ فوق ترابها ولَمَا اصطفاها الله قبلة خلقهِ = ولَمَا سعى الساعون نحو ركابها ولما اصطفى خير البرية مرسلا = بالحق والتوحيد من أعرابها النّسك والإيمان من أفيائها = والعد والإحسان من أطيابها فكأنما صوتُ الزمان وثغره = وكأن زمزمهَا زُلالُ رضابها لو يوضع البيت العتيق بكفَّةٍ = والأرض في الأخرى لأعدْلَهَا بها جُمع الزمان جميعه فإذا به = يجثو خَشُوع القلب في محرابها من ها هنا مرّ « الأمين » ومن هنا = أسرى، وفاض العدل من «خطَّابها» حمداً لك اللهم أن أبصرتني = درب الحجاز فكنتُ من أنـسـابها خُلق النهار كصبحها متألقاً = والليل داجٍ مثلَ كـونِ حجابها مازال يخترق الفضاء« بلالها» = هَرم الزمان ولم تزل بشبابها عشرون عاماً مااغتسلتُ من اللظى = واليوم أبردني عظيم شرابها أهلي؟ من ازدانوا بنور فضائها = وأحبتي في الله من أحبـابها وطني عزيز والأعز من الثرى = ديني فما روحي بغير كتابها فوحقِّ من خلق الخليقة واستوى = حلمي يكون القلب عُتبة بابها فاغسل فؤادك ياشريد بمائها = أو شحَّ ماءٌ فاغتسل بترابها! عبدالشكور بن محمد أمان العروسي
بمكةَ كمْ حلَّ الكرامُ الأماجدُ = وهذي الجبالُ الراسياتُ شواهدُ وطافَ ببيتِ اللهِ منذُ بنائهِ = حجيجٌ وكم سيقتْ إليهِ قلائدُ وكم مِنْ نبيٍّ طافَ بالبيتِ خاشعاً = وقد رُفِعتْ لله منهُ محامدُ وكم ضجّ بالتكبيرِ والذكرِ والدعا = وكم خرّ للأذقانِ للهِ ساجدُ وفي سوحها صرحٌ من العلمِ تالدٌ = تخرّجَ منهُ عالمٌ أو مجاهدُ تلألأَ نورُ العلمِ في جنباته = به يهتدي للحقِّ دانٍ ووافدُ غدا موطناً للخيرِ والنورِ والهدى = ومنهُ سرتْ للمسلمينَ روافدُ بهِ يطمئنُّ القلبُ من كلِّ مؤمنٍ = ويأمنُ ذو خوفٍ ويصلحُ فاسدُ هنا نزل الروحُ الأمينُ على الذي = به أشرقتْ أم القرى والمعاهدُ أناخَ بهِ طلاّبُ هديِ محمدٍ = فطابَ لهم فيهِ الجنى والمواردُ زهتْ بهمُ الدنيا وأشرقَ نورُها = تُشَيّدُ في كلِّ الربوعِ مساجدُ مساجد ضمّتْ كلّ حَبْر مدرسٍ = منيبٌ يناجي ربهُ وهو ساجدُ يواسي جروحَ القلبِ بالعلمِ والتقى = فيبرأ ذو داءٍ ويُقبِلُ شاردُ مكانٌ غدا للدينِ والعلمِ موطناً = تناقلَ فيهِ العلمَ غُرٌّ أماجدُ غدا جبلُ الوحيِ الأمينِ شعارُهُ = وذاكَ دليلٌ في البريةِ شاهدُ فكمْ طالبٍ للعلمِ في عَرَصاتِهِ = وكمْ ناشرٍ للعلمِ في الخيرِ رائدُ وكمْ عالمٍ حَبْرٍ تقيّ مهذبٍ = تضرّعَ في ساحاتهِ وهو ساجدُ ليهنكَ يا مَنْ قد نهلتَ بسوحهِ = من العلمِ ما استعصت عليكَ الأوابدُ لقد جمع الله الفضائلَ ههنا = ألا فاغتنمْ زُمّتْ إليكَ الفوائدُ مجالسُ علمٍ واعتمارٌ وحجةٌ = بهِ نُصِبتْ للصالحينَ موائدُ بهِ وضع الرحمنُ أولَ مسجدٍ = وشيّدَ للبيتِ العتيقِ قواعدُ بهِ طفْ كما طافَ الذينَ تقدموا = من الأنبيا والأتقيا إذ توافدوا وصلِّ كما صلّى النبيُ محمدٌ = صلاةً لها سيلٌ من الأجرِ واردُ ورِدْ زمزماً ماءً طهوراً مباركاً = وذاكَ مكانٌ فيهِ تصفو المواردُ ألستَ ترى هذي الفضائلَ جمّعتْ = بمكةَ لا في غيرها أنتَ واجدُ فعضّ عليها بالنواجذِ شاكراً = لربّكَ إذ سيقتْ إليكَ الفرائدُ قصيدة (( رُقـيـة مـكـيـّة )) للشاعر محمد الثبيتي صبحتها والخير في أسمائها مسيتها والنور ملء سمائها حييتها بجلالها وكمالها وبميمها وبكافها وبهائها وغمرت نفسي في أقاصي ليلها فخرجت مبتلاً بفيض بهائها وطرقت ساحات النوى حتى ظمئت إلى ثمالات الهوى فسقيت روحي سلسبيلاً من منابع مائها ونقشت اسمي في سواد ثيابها وغسلت وجهي في بياض حيائها وكتبت شعري قرب مسجد جِنّها وتلوتُ وردي عند غار حرائها |
مصطفى عكرمة
الشاعر : مصطفى عكرمة
(1) طُفْ بي بمكة َ
طف بي بمكة إني هدني تعبي = واترك عناني فإني هاهنا أربي ودع فؤادي يمرح في مرابعها = ففي مرابعها يغدو فؤاد صبي هنا بمكة آي الله قد نزلت = هنا تربى رسول الله خير نبي هنا الصحابة عاشوا يصنعون لنا = مجدا فريدا على الأيام لم بشبِ هنا أمرغ خدي صبوة وجوى = فتهتف الحور بشرى خدك التربِ هنا اللبانات أقضيها على مهل = ويسكن الصبح بعد الليل على هدبي فإن رأيت على أعتابها شفتي = ذابت فذلك عندي غاية الطلبِ كم هزني الشوق ياخير الديار = وكم عانيت بعدك وجدا دائم السببِ إلا إليك أرى الأشواق تقعد بي = وعند ذكرك أشواقي تحلق بي وعند ذكرك أنسى أنني بشر = وكالملائك أحيا في المدى الرحبِ فتبدعين كياني من تقى و هدى = و لا أحس بما ألقاه من تعبِ وهل يحس ببيت الله أي ضنى = من راح يسأل رب البيت في رهبِ هذا هو البيت .. رب الناس صيره = مهوى القلوب على الأيام والحقبِ ماغير زورته في الدهر ترجع لي = شباب روحي إذا امتدت يد النوبِ رب حنانيك فاكتبها وخذ بيدي = كي يهتف القلب : يافوزي وياطربي واكتب قبولك إن حققت زورتها = أنت المرجى وهذا غاية الطلبِ (2) قف يا لبيب العقل
قف يا لبيب العقل في عرفاتِ = كم فيه من عبرٍ، ومن آياتِ! مازال عبر الدهر ينمو حبه = مُتجددًا بتجددِ الأوقاتِ لو قُدِّرتْ ذراته لسمتْ على = أضعاف ما في الأرض من ثرواتِ المؤمنون بكل أرضٍ روحُهمْ = تهفو إليه على مدى الساعاتِ ويرون رؤيتهُ نعيمَ حياتهمْ = مهما رأوا فيها من الإعناتِ جناتُ عدنٍ خلفَ حرِّ رمالِه = تدعو أخا الإيمان للجنَّاتِ والروح في عرفاتِ تلقى روحها = والذّاتُ عند البيتِ غيرُ الذاتِ والنفس تسمو كلما نظرتْ له = عن كل ما في الأرض من رغباتِ فهناك في عرفات أمنيةُ المنى = وهنا بمكة غايةُ الغاياتِ من كل فجٍّ أقبلت حجاجُها = ظمأى الحنين.. لهيفةَ النظراتِ جاءت.. وقبل مجيئها طارت بها = أرواحها لمواطن الرحماتِ لا فرق في الأجناس فيما بينها = لا فرق في الأوطان والعاداتِ بالأمس كان الكلُّ يسعى همه = لو نال ما في الأرضِ من لذاتِ واليوم قد هجروا اللذائذ كلها = وتسابقوا للبذلِ والطاعاتِ أشقى العذاب يرونَ فيه عذوبةً = ويرون لفحَ هجيرها نفحاتِ لكأن كل قلوبهم قلبًا غدتْ = وغدت لهاةً سائرُ اللهواتِ الكل للرحمن هلل داعيًا = ولكم ترى التهليل بالعبراتِ آيات ربك لا تعدُّ.. وكلُّها = تدعوك للتفكير في الآياتِ! لبيك وحّدت اللغات كأنها = أصلٌ لما في الأرضِ من كلماتِ لبيك أفئدةٌ تذوب بقولها = لتصوغ من لبيك حبل نجاةِ يا فوز من لبى وعاشت روحُه = أحلى ثواني العمر في عرفاتِ |
محمود محمد كلزي
الشاعر: محمود محمد كلزي
بوادٍ غير ذي زرع فؤادي = هوى حباً وقد لبى المنادي كأن من الخليل أتى صداه = ينادي : يارؤوفا بالعباد لقد أسكنت من ذريتي من = أخاف عليهم سوء الحصاد لعل الله يرزقهم غلالا = من الثمرات تغمر كل واد فسبحان الذي أسرى بعبد = إلى بلد تسامى في البلاد إلى جبل سما في كبرياء = وطاب على مشارفه رقادي إلى أم القرى طارت عيوني = وحطت عند مزدلف وسادي رأيت النور يشرق من شعاب = تضوع عطرها بين الوهاد وكان عرار نجد من شذاها = وكان شميمها بوح البوادي لقد آنست في الحرمين نورا = وفرقانا مبينا خير هاد وعند الكعبة الغراء روحي = أتت حجرا تألق بالسواد دنت منه تقبله بشوق = وتعلم انه خير الجماد وقد رويت بتقبيل شفاهي = كما شفيت جراح بالضماد وطافت حوله الأرواح تترى = لتنعم بالهداية والرشاد همى شلال ضوء من سناها = وأيقظ جمرة بين الرماد تناءت عن مشارفها ضلوعي = وحط على مطارفها فؤادي |
عبدالله الجعيدي
الشاعر : عبدالله الجعيدي
يا كعبة العشاق
قل للحجيج قدحتمو أشواقي = قل للحجيج متى يحين تلاقِ قل للحجيج هناك صب عاشق = في مصر يرجو فوزه بلحاقِ هي غاية مقصودة نسعى لها = فالناس بين تنافس وسباقِ فيض من الإحساس سيل هادر = شمس من الأضواء والإشراقِ درب عريق رائع متألق = يمشي عليه أجلّ وفد رفاقِ عصف الغرام خاطري وأهاجني = وأسال وجداني على أوراقي ماللمرام نأي ببين هكذا = ماللطريق إليه في إغلاقِ هل تبصر البيت العتيق نواظري = وتجول في روضاته أحداقي القلب يهفو بالحنين ومهجتي = في البعد تشكو لوعة الإحراقِ يا ويلتي عبث اجوى بأضالعي = والروح بين حناجر وتراقي في ظلمة أُصلَى بجمر صبابتي = في موج بحر مشاعري الدفاقِ ظمآن تعصرني بمصر لهفة = ولدى الحجاز أرى هناك الساقي دَنًفي عليل مثقل بمواجعي = كم من طبيب في جواري راقِ يأيها الدكتور دعك من الرُّقي = فبأرض مكة وحدها ترياقي يا كعبة العشاق يا أحلي الهوى = رقي لنا يا كعبة العشاقِ لو كان مهرك بالنفوس فهاكمو = كلي بما أحوي أقل صداقِ من لي بزمزم كى أفوز برشفة = من شهدها المتسلسل الرقراقِ من لي بمثوى المصطفى ومقامه = من لي بطلعة نوره البراقِ فلديّ وجد في الفؤاد مبرح = والدمع يهمي مزمعا إغراقي هدّ الجوانح بالتمني خافقي = وبرى الحشا بهيامه الخفاقِ يا مسعف الحجاج خذني مرة = وامنن عليّ بحجة الإعتاقِ طال الرجاء ولم أحقق مطلبي = فلكم صُددت بحاجز الإملاقِ لو صح لي وصل بأرض أحبتي = أشبعتها لثما وطيب عناقِ لا صبر لي يوما ببعض فراقها = إذ كيف لي بتباعد وفراقِ يا رب قلّت حيلتي فامنن على = عبد يؤمل محض وجه الباقي |
غازي الجمل
الشاعر : غازي الجمل
أشواق قلب
دعـوا عيني تقرّ بكم... دَعوني = ومـن أنـوار مـكـة كـحّلوني فـرسـم الـكـعـبة الغراء باقٍ = بـأعـيـنـكـم يُشعّ فصدّقوني فـهـاتـوا لي شعاعاً من ضياها = ومـن أنـوارهـا لا تـحرموني وإن حُـرمَتْ من (الغرّاء) عيني = صـلـونـي بـالسّماع فحدّثوني أيـا مـن طـوّفوا بالبيت شوقاً = ولـذتـم فـي حمى البلد الأمين ومـن رقـراقِ زمـزم قد رُويتُم = تـضـلـعـتـمْ به ونسيتموني فـهـاتـوا لي بزمزم شِربَ رِيٍّ = ومـن تـريـاقـهـا فلتسعفوني فـمـا يـقـوى على ظمأٍ فؤادي = وجـمـرُ الـحبّ يلهَبُ بالحنين أفـيـضـوهـا يـلذُّ بها فؤادي = ويـقـطُـر مـن لآلـئها جبيني أفـيـضـوها لأبحرَ في هواها = فـمـا يـمشي على يبَس سفيني فـقـد أطّت على ظهري الخطايا = ولـيـس لها سوى العشقِ الدفين وقـد أضحيتُ في زمر الأضاحي = ولـكـن دون كـبش يفتديني!! وفـي حـلـل البياض لبستموُها = شِـفـا عـيني من الدمع الهتون ألامَـسـتُـم جنابَ الرّكن فيها = وكـنـتـم منه في ركنٍ ركين؟! فـمـدّوا لـي بـأيـدٍ لامـستْه = عـسـى تـحظى بيمناكم يميني وهـل مـسّـت شـفاهكمُ بحقٍ = مـكـانـاً مـسّـه ثغرُ الأمين؟! أم الـعـشّـاق مـوجٌ إثر موجٍ = فـأومـأتم إلى الحجر المصون؟ ألا فـاطّـوفـوا جـسداً وروحاً = وروّوا الـعـين من نور العيون وإن حُـرمتْ من التَّطواف نفسي = بـظـلِّ الـعـاشـقين فطوّفوني رعـاك الله (مـلـتزمَ) الخطايا = فـكـمْ تـقتاتُ بالدمع السخين!! ولا يـرضيكَ إلا الصدقُ يجري = بـقـلـبٍ تـائـبٍ وَلِـهٍ حزين تـفـيـض به القلوبُ لجينَ ماءٍ = وتـصـنـع مـنه حبّاتِ العيون ويـا نـورَ (الـمقام) عليك وشْمٌ = أبـي خـلاّه لـي عـبرَ السنين وحـلّـق (بـالـمـقام) إلى مقامٍ = حِـذا (الـمـعمورِ) يرقى باليقين (أهاجَرُ) كم صبرتِ على بلايا؟! = بـوادٍ غـير ذي زرعٍ... ضنين وكـم كـابدتِ من عطش تلظّى = وطـفـلُك رافضٌ غمضَ العيون وسـعـيـاً في سراب البيد سبعاً = وهـزّ الـمـوتُ بالحبل الوتين وإذ جـبـريلُ هزّ الأرض هزّاً = فـفـجّـرهـا بـماءٍ من معين ويـا عـرفـاتُ يـا جبلاً تباهى = بـأثـواب البياضِ على الحُزون كـأنـك مُـحرِماً في خير ثوب = مـع الـحـجّـاج وضّاء الجبين تـشـابـهت الثياب فلست أدري = أحجّ أنت؟؟.. حارت بي ظنوني ويـا عـجـبـاً لحشرٍ ليس فيه = سـوى زمرِ التقى من أهل ديني كـأنـي بـالـرجالِ طيورُ خُلْدٍ = ويـا طـهرَ النساءِ كحور عين!! ومـا زجـلُ الطيور سوى دعاءٍ = من (الأذكارِ) و(الحصن الحصين) ويـا حِـجْـرَ الذبيح ذبحتَ قلبي = ولـكـن دون تـلٍّ لـلـجـبين فـرفـقـاً فيه من بين الأضاحي = فـقـلـبـي ذاب من حبّي لديني |
محمد المجذوب
الشاعر : محمد المجذوب
في ظلال الكعبة
سـعـيـدٌ أنـا في ظلالِ الحرَمْ = فـلا تـسـألـوني بماذا؟ ولمْ؟ أحـسُّ بـجـسـميَ فوق الأثيرِ = وقـد شـفَّ بل خفَّ حتى انعدَم فـلا عـجـبٌ أن يموتَ البيانُ = ويـعـيـا بـوصف رُؤايَ القلم أكـادُ أرى (هاجَراً) والصغيرَ = ُـروّعُـه الـظـمـأُ الـمحتدِم فـتَـجـري هـناك وتَعدو هنا = وفـي سـمـعِها صرخاتُ الألم تـفـتـش عـن جـرعـةٍ تنقذُ = الـولـيـدَ وتطفئ بعض الضَّرَم وقـد أوشـك الـيـأسُ يجتاحُها = فـتُـسـلـمُ ذا ثـديـهـا للعَدَم ولـكـنَّ ربَّـك لـم يَـنـسَـها = وأدركَـهـا بـجـزيـلِ الـنِّعَم فـذلـك جـبـريلُ يَحبو الثَّرى = بـرِيَّ الـنـفـوس وبُرء السَّقَم يـمـسُّ بـقـادِمـتـيهِ الترابَ = فـيـدفُـقُ بـالـعذب حتى يَطِم وهـا هـي ذي زمـزمُ لا تزال = إلـى الـيـوم والـغدِ وِردَ الأمم وألـمـح ثَـمَّ أبـا الأنـبياء = وبـيـنَ يـديـه فـتـاه الـعَلَم يُـقـيـم قـواعـدَ هـذا البناءِ = وقـد خـطَّطَ الرسمَ باري النَّسَمْ ويـؤمـرُ إذ يـنـتهي أن يُذيعَ = عـلى الكونِ بشرى الذي قد أتَم فـيـهتفُ في الناس: هذا المُقامُ = الـذي شـاء ربُّـكـمُ أن يُـؤَم فـتـنـداحُ صيحتُه في السهولِ = وخـلـفَ الـبـحارِ وفوقَ الأكَم ويـأتـيـه سـعياً وفوق المُتُون = أُولـو الـحـظِّ من كل فجٍّ ويَم وأُبـصرُ "أبرهةً" في الجيوش = ومـن تـحـته الفيلُ طَوداً أشم يُـطـاوِلُ بـالـكـبرياءِ النجومَ = ويـحـسـب في قبضتيهِ السُّدُم يـسـيـر إلـى مـكـةٍ مُنذِراً = بَـنـيَّـتَـهـا بـالـبلاءِ الأعَم ويـيـأس "شـيـبـةُ" مِنْ حَولِه = ومَـن حَـولَـه فـيـنادي: هَلُم دعـوا الـبـيت وانجوا بأنعامِكمْ = فـبـيـتُ الـمـهيمنِ لا يُقتَحَم سـيَـحـمـيـه منهم غداً مثلَما = حـمـاه عـلـى الدَّهر منذُ القِدَم وفـرَّ عـن الـبـيتِ حُرَّاسُه = سـوى واحـدٍ عـيـنُـه لم تَنَم وحـاوَل ذو الـفـيـلِ تسييرَه = إلـى مـكـةٍ فـأبـى وانـهزم عــلــى أنـه كـلـمـا ردَّه = إلـى غـيرِها خفَّ، لا بل هجم وجـاء الـقـضـاءُ بـأجـنادِهِ = مـن الـطـيرِ كالقسطلِ المُدلَهِم فـراحـتْ تَـصُـبُّ مـناقيرُها = عـلـى الـظـالمين رجومَ النِّقَم ومـا هـي إلا الـهنيهاتُ حتى = اسـتـحال الغُزاةُ كعصفٍ هُضِم وتـمـضـي المشاهد حتى أرى = إمـامَ الـنـبـيـينَ يمحو الظُّلَم يـنـاديـ: إلى الله يا ضائعون = ومـن يَـتَّـبِـعْ هَـديَه لم يُضَم وعـن كَـثَـبٍ ندوة المشركينَ = تَـحُـوك لِـحَربِ الحبيبِ التُّهَم وتــرمـي بِـلالاً وإخـوانَـه = مـن الـقـارعـاتِ بسيلٍ عَرِم يـريـدون مـنـهـم ولو لفظةً = تـسـجِّـل نصراً لحزب الصَّنَم فـلا يـسـمـعون من المؤمنينَ = سـوى مـا يضاعفُ تلك الحُمَم! كـأنـي بـآذانـهـم كـلـمـا = دعـاهـا الطغاةُ اعتراها الصَّمَم وألـسُـنـهـمْ كـلـما رُوْوِدَتْ = عـلـى الكفرِ أفضى إليها البَكَم وتـهـتـفـ: "بـل أَحَدٌ أحد" = فـتُـصـغي البِطاحُ وتهفو القِمَم ويـنـطـلـق الرُّوح في مَدِّهِ = إلـى عـالـمٍ قـبـلـه لم يُرَم فـأشـهـدُ عـودَة خـيرِ الأنامِ = إلـى هـا هـنا في ليوثِ الأجَم وقد ذلّلَ اللهُ أعـداءَهُ = فـلـيـس لـهـم دونه مُعتصَم يـقـول لـهم: ما تظنونَ بي؟.. = فـيَـضـرَعُ كـلُّـهـم في ندم: ألـسـت الـجوادَ الذي لا يَزال = يُـقـابـل زلاتِـنـا بـالكرم! أخٌ فـوقَ مـا قـد عَهِدنا الإخاءَ = وفـاءُ وبِـرّاً بـحـق الـرَّحِم فـيـرسـلُـهـا بُشرياتٍ سرتْ = بـسـمـعِ الزمانِ كأشهى النَّغَم: ألا فـاذهـبـوا.. أنـتم الطُّلقاءُ = ولا تـجـزعوا.. لستُ بالمنتقم ويُـومي لرمزِ الضلالِ الذي = عـلـى الـبيت منذُ "لُحَيٍّ" جَثَم فـتَـهـوي الطواغيتُ من فوقهِ = مـنـكَّـسـةً بـعـد ذاك العِظَم كـذلـك يـعـلو بناءُ الأباطيلِ = حـتـى إذا الـحـقُّ جاءَ انهدَم ويُـزجـي بـلالٌ نـشيدَ السماءِ = بـأعـلاه عَـذبـاً يَـهُزُّ الأصم ولـكـنَّ "عتَّابَ" والحائرينَ = يَـرَون بـذاك انـتـهاكَ الحُرم أعـبـدُ أمـيـةَ نـسلُ السوادِ = عـلا الـبيتَ!.. يا لَلبلاءِ العَمم! ولا ريــبَ أن امــرءاً آثـرَ = الـحِـمـامَ عـلـى هذهِ لم يُلم! ويَـهمسُ وابنيْ هشامٍ وحربٍ = حـديـثـاً يَـفـيضُ بمثلِ اللَّمَم وقـد حـسِـبـوا أنـه قد ثَوى = بـأعـمـاقِـهـم حيث لا مُقتَحَم ولـكـنـهـم فـوجـئوا بالنبيِّ = يُـمـيـط الـلـثامَ عن المُكتتَم يُـنَـبِّـئـهـم بـالـذي غَيَّبتْ = صـدورُهـم مـن رهيب الكَلِم فـلا يـسـتـطـيعونَ رداً وقد = دَرَوا أنـه الـحـقُّ مـن ربهم ووافـى "فَـضـالةُ" مستخفياً = ويُـخـفـي وراء الرداء الخَذِم يُـمـنِّـي "مَـنـاةَ" بـألاّ يعودَ = إذا لـم يـخـضِّبه من خيرِ دم! وأطـمـعَـه أنْ رأى المصطفى = نَـجـيَّ الإلـهِ لَـدَى الـمُلتَزَم فـأحـكـمَ قـبضتَه في الحُسامِ = وراحَ يُــراقـبُـهُ مـن أمَـم وهـمَّ ولـكـنْ سـرتْ رِعـدةٌ = بـه تـتـلاشـى لـديـها الهِمَم ولـمـا أتـمَّ الـرسولُ الصلاةَ = تـطـلـعَ فـي وجـههِ وابتسم وأدنـاه يـسـألـهـ: مـا بهِ؟ = فـلـم يـبـدأ الـرد حتى وَجَم فــمـدَّ إلـى صـدره راحـةً = بـلـمـسـتـهـا كم شَقاءٍ حَسَم وعـاد (فَـضـالـةُ) في غَمرةٍ = مـن الـوَجـدِ فوق مجالِ الحُلُم ولـيـس أحـبُّ إلـى قـلـبهِ = مـن المصطفى بعدَ مُحيي الرّمَم! فـفـي لـحـظةٍ طَهُرت روحُه = فـلـيـس لها في سوى الله هَمّْ ويـعـبـرُ بـامـرأةٍ طـالـما = غَـزَتْ قـلـبَـه قـبلَها فانهزم فـتـهـتـفُـ: هـيّا إلى شأنِنا = ويـهـتـفُ: يأبى الهدى والشَّمَمْ تَـنَـحَّـيْ فـبالحقِّ ثاب النُّهى = وبـالـنـور ليلُ الضلالِ انحسَم ولـن يـنـكأ الإثمُ جرحاً أُمِرَّتْ = يـدا أحـمـدٍ فـوقَـه فـالـتأم ولـن يـقربَ الغيُّ صدراً أضاء = جـوانـحَـه حـبُّ خـيرِ الأمم وأمضي وأمضي، ولولا الأذانُ = تـوالـتْ رؤاي فـلـم تَـنفصِم فـلـيـت مـواكـبَـها لم تَكُفَّ = وأحـلامَـهـا البيضَ لم تنصرم ولـكـن حـبـيبٌ نداءُ الصلاةِ = ولا سـيـمـا فـي ظلالِ الحَرَم |
حسن الأمراني
الشاعر : حسن الأمراني
مـن وحي مكة تزدهي أشعاري = وتـفـيـض لحنا رائقا أوتاري الـوحـي مـنـها جاءنا متلألئا = فـازدانـت الآفـاق بـالأقـمار لم يبق في الأرض الفسيحة بقعة = إلا ارتـوت مـن دافـق الأنوار فـانجابت الظلمات وازدهت الدنا = ألـقـاًً،وزان الطيب خير جرار فـله بأرض الروم شمس حقيقة = ولـه بـأرض الـهند نور سار إقـبـال لـمّا مس خافقه ارتوى = عـشقا، ففاض السحر في القيثار لـولاه لـم تـشرح حمامة أيكة = أشـواقـهـا لـلدوح والأزهار ولـما استرق العشق قلب فراشة = فـهـوت مـسـبّحة بقلب النار أخـتـاه إن نـعـشق فإن إمامنا = قـدمـا أتـى العشّاقَ بالأخبار: من عفّ في درب المحبّة وارتدى = حـلل التقى،أضحى بخير جوار أخـتاه، نور الحق يهْدي خطونا = والـنور في الصحراء نهر جار غنيتْ قلوب الناس يا أخت التقى = حـبـاَ، فما اغتروا بسحر نضار هـل كان غير الحبّ يملأ دربنا = بـالـحسن، بالخيرات،بالإيثار؟ نـبـنـي الحضارة عزة ومهابة = لـكـنّ حـبّ الله خـير شعار |
شريف قاسم
الشاعر : شريف قاسم
مكة المكرمة
عـلاكِ يـامـكة الإسلام في الأُممِ = أغـنـاه وحيُ السّما بالنورِ من قِدمِ وطـال مـجـدُكِ فـيَّاضًا بلا كدرٍ = بـواسـعِ الجودِ في الدنيا وبالقيمِ رحـيقُ مُزنِ المُنى من فيكِ أعذبُه = يُـشفَى به الدَّنفُ العاني من الوصمِ ولـلـمـثاني وقد جاشتْ مشارعُها = لـم يُزْرَ سلسلُها من شدَّةِ الغتمِ فـأنتِ قطبُ الرَّحى في كلِّ مفخرةٍ = إذْ أنـتِ في حُللٍ أو أنت في شيمِ وقـد حـبـاك إلـهُ الكونِ من كرمٍ = فـيـه الـمـآثـرُ لم تقترْ ولم تجمِ مـطـافُ بـهجتِكِ : التوحيدُ زينتُه = بـه الـنجاةُ مع البشرى لمعتصمِ سلمتِ يومَ اعتدى من قبل أبرهةٌ = ورُدَّ ، والـفـيـلُ لايلوي على قدمِ أخزاه ربُّ الورى ، والجيش أهلكه = رمـيُ الأبابيلِ في الوادي من الحِممِ يحميك ربُّكِ طول الدهرِ من محن = ومـن غـزاةٍ ، وعـينُ اللهِ لم تنمِ وفـتـحُ ربِّـك مـا تـرجوه أُمتُنا = إذا الـشـدائـدُ أعـيـتْها بمصدمِ نـأتـي إلـيـك وقُبحُ الذَّنبِ أثقلنا = لـكـنْ نـؤوبُ بـلا ذنبٍ ولا تهمِ مـشـاعـرُ الحجِّ بالأنوارِ تغمرُنا = وبـالـسرورِ جرى من نائلِ الكرمِ يسمو الإخاءُ بها في حُسنِِ صورتِه = مـودَّةً خـلـصـتْ للهِ لم تثمِ والـناسُ قد راضهم دينٌ و وحَّدهم = عـلـى الـهـدايةِ والإيثارِ والشَّممِ فـفـيـك بيتٌ سمتْ بالطُّهرِ رفعتُه = مـبـاركُ الـنـفحاتِ اعتدَّ بالعِظَمِ بـيـتُ النَّدى والهدى والتَّوْبِ بوَّأه = ربُّ الـبـريَّـةِ فـيها خيرَ مغتَنَمِ فـلا مُـكـاء ولا في البيتِ تصدية = ولـيـس مـن نُصُبٍ فيه ولا صنمِ دانـتْ لـه أُمَّـةُ الإسـلامِ قاطبةً = مـن الأعـاربِ والإفـرنجِ والعجمِ وكـلُّ مَـنْ أَمَّـهُ بـالصدقِ أكرمه = بـالـبـرِّ خـالقُه من فضلِه العممِ ومَـنْ تـوجَّـه لـلـرحمنِ أكسبَه = صـدقُ الـتَّـوجُهِ نورًا غيرَ منكتمِ وعـاشَ في فيءِ خيرٍ آمنا وهدى = لـلـه لا لـلـهوى المنسوجِ بالغُمُمِ ومَـنْ أتـى لـخـداعٍ باءَ مندحرًا = بـالـخزيِ يرسُفُ فيه سيئ الرَّسمِ مـكـانـةُ البيتِ أسمى عند بارئنا = مـن كـلِّ مـحـدثةٍ جاءتْ بغيِّهِمِ ألـيـسـتِ الـقـبلةُ الغرَّاءُ كعبتَنا = ولـلطوافِ بها معنى لذي الحِكمِ ؟! والـحـجُّ والـعمرةُ امتازا لأهلهما = بـوافـرِ العفوِ يشفي القلبَ من سقمِ والـنـفـسُ طهَّرها غفرانُ خالقِها = مـن زلَّـةٍ عظمتْ أو سوءِ ملتطمِ يـعـودُ مَن حجَّ مغفورَ الذُّنوبِ له = فـي الـحشرِ منزلةٌ أبهى من الأُطُمِ مـسـتـبـشرا بنعيمٍ ليسَ يُفزعُه = يـومٌ تـشـيبُ به الولدانُ من دُهُمِ فـقـد قـلى المللَ النكراءَ في زمنٍ = تـوشَّـحـتْ فيه ذاتُ الظُّلمِ بالظُّلَمِ يـامـكَّة الأمنِ والإيمانِ ما برحتْ = قـلـوبُـنـا تفتدي دينَ الهدى بدمِ لـسـنا المجازيعَ إن حلَّتْ بنا محنٌ = ولـن نـهـونَ لـشَّرٍ غيرِ منحسمِ جـئـنـا نـحـجُّ وفي أحنائنا ألأمٌ = مـن الـسـنين التي أنَّتْ من الألمِ نـرومُـه فـرجًـا من عندِ بارئِنا = إذ شـابَ مـفرقُنا من وطأةِ الغسمِ والـلـيـل طـال على آفاقِ أُمتِنا = وطالَ عبءُ السُّرى في غيهبِ السَّأمِ يـامـكـةُ : الأملُ الممراحُ ناغمنا = والـروحُ تهزجُ رغمَ الضِّيقِ بالهممِ مـازال فـي البيِّناتِ النُّورُ يمنحُنا = أحـلـى الـيقينِ بما للدينِ من ذِممِ نـطـوفُ بالبيتِ أو نسعى وأدمعُنا = فـي غيرِ هذا الحمى لم تجرِ أو تهمِ وهـاهـنـا العبراتُ اليومَ نسكبُها = حـبًّـا وخوفًا وشوقًأ غيرَ منصرمِ وفـي سـنى عرفاتِ الخيرِ هيدبُه = روَّى جـوانـحَـنـا من وابلٍ هممِ عـسـى الـرحيمُ الذي ناجتْه أفئدةٌ = يـمـنُّ بـالعفوِ فالآمالُ لم تئمِ تـبـاركَ اللهُ يـومَ اخـتارَ كعبتَه = فـي بـطـنِ واديك إذ واتاه بالنَّعمِ مـشـى الـنبيُّ به فاخضرَّ مبتهجًا = بـشـرعـةِ اللهِ ذا جودٍ على الأُممِ يـاربِّ جـنِّـبْهُ من شرٍّ ومن فتنٍ = واحـفـظْ مـشاعرَه بالأمنِ والسَّلمِ واحـفـظْ شـريعتَك الغرَّاءَ عاليةً = وانـصـرْ بها ركبَنا في كلِّ مقتَحَمِ لـم نحنِ هامتَنا في وجهِ مَنْ ظلموا = ولـلـفـجـائـعِ صولاتٌ وللدُّهمِ وإنـهـا وجـأتْ أكبادَنا ، وطوتْ = قيودُها اليومَ أهلَ الفضلِ بالنَّخمِ وعـرَّجـتْ بـرزايـاها على قيمٍ = فـي كـفِّ مـفتَتَنٍ من قومِنا خصِمِ لـكـنَّـنـا وهدى الرحمنِ يعصمُنا = مـن غـيِّ مـنزَلَقٍ للمفسدين نُمي قـد انـتـضـينا لها أسيافَ عزَّتِنا = باللهِ فـاسـتدبرتْ في ثوبِ منفحِمِ مَـنْ كان من زمزمِ التوحيدِ مشربُه = فـلـيـس يـرهـقُه ميدانُ بغيِهِمِ ومَـنْ مـشـى خلفَ هادينا وقائدِنا = مـحمَّدِ المصطفى لم يخشَ من حدمِ لـلـدهـرِ دورتُـه ، فانظرْ تقلُّبَه = بـإذنِ ربِّك ذي الأقدارِ عن كثمِ واصـبـرْ لـحكمتِه في كلِّ حالكةٍ = فـأنـتَ بالدينِ والتقوى على القِممِ تـهـافـتتْ قوَّةُ العادي وما ملكتْ = إلا الـبـوارَ بـتـيهِ العارِ والرَّغمِ فـاسـتـبشري أُمَّةَ الإسلامِ إنَّ لنا = ربًّا يغارُ على الأخيارِ والعُصُمِ لـن يـفلتَ البغيُ من آتي عقوبتِه = وإنْ تـحـصَّـنَ بـالأجنادِ والأجمِ مـازال ربُّـك بالمرصادِ فانتظرنْ = يـومَ الـخـلاصِ ففيه البرُّ بالقسمِ |
النتشة
الشاعر : أبو المعتصم بالله يوسف النتشة
نورٌ من الحرمين
أتـاني من حمى الحرمين نور ُ = بـأنـسـام مـطـهـرة يزورُ تـرِف ُ لـه الملائك خاشعات ٌ = تـحـف ُ به الأزاهر والطيور ُ فـتـلـبـيـة وتـكبير ٌ وذكر = وألـحـان ٌ يـميس لها الأثير ُ وحـطَّ رحـاله بصميم ِ قلبي = فـكـاد شـغـافـه لهفا يطيرُ وهـدهـد َ مقلتي الحرّى ضياه = وكـفـكـف عبرتي منه العبيرُ ألا يـانـور كـعـبـتنا أغثني = فـحسبي ما تضيق به الصدور ُ وهـب لي جذْوة ً تحيي كياني = لـعـل شـمـوع أيامي تنير ُ يـسـيـر الناس حجا واعتمارا = وأرمـقهم ْ ... ولكن لا أسير ُ ! ويـمـضي العمرعاما بعد عام = وقـلبي رهن َ غصّته أسير ُ ! يـراوح ُ بين حرمان ٍ وشوق ٍ = وتـحصره البنادق ُ والجُسور ُ فـيا ركب الحجيج إليك وجدي = نوى ً في أضلعي وأسى ً يثورُ ركـبـتم بحرَكم رهوا ً وبحري = عـبـاب ٌ فـي مواجعه يمور ُ فـهـل ْ لي نسمة من عطر طه = عـسـى قلبي بنفحتها يدورُ ؟ وهـل لي عرق نخل من رباها = يـظلل مهجتي وندى ً طهور ُ ؟ فيـانـور الحجاز َ فداك روحي = وقـلـبي والجوانح ُ والشعور ُ وحـسـبي ياصديقي َ ما دهاني = مـن الزفَرات ِِ .. والله البصيرُ فـخذني في جناحك خفقَ صب ٍ = فـإن جـنـاح أحلامي كسير ُ وهب لي في رحالك عش َّ قلب ٍ = فـيـحـمـلني وقد عزّ المسيرُ أطـوف الـبيت سبعا ثم أسعى = أدور مـع الـحجيج كما تدور ُ وأشـرب زمزما تسري بروحي = لِـما شربت ْ.. ويكفيني العبير ُُ وأسـجد في المقام شغاف قلب ٍ = فـيـا للقلب ... والدنيا شعورُ أكَـبـرُ خـالـقـي وله ألبي = أنـاجي الطير.. ألثمه... أطير ُ أمـتـع ناظري َّ بكل صوب ٍ = وأمـضـي حـيثما قلبي يُشير ُ وأسـكـب نبع أشواقي وحبي = حـنـانا ليس ينضب أو يغور ُ فـهل تخبو المواجع في فؤادي = ويـسـكن ُ في مكامنه الهديرُ ؟ وهـل يا زائري يصفو زماني = ويـبسم في جناحيك البشير ُ ؟ وأنـعم ُ في حمى الحرمين يوما = بـمـا يـهوى الفؤاد ويستجير ُ فـتـزهـرُ بين جنبي َّ الأماني = ويشرق فجر أحلامي النضير ُ ؟ |
محمّد الروكي
الشاعر : محمّد الروكي
في ظلال رحلة قدسيّة
لمكّـة أشواقٌ تَهُـزُّ حياتي = وأطيب أنفاسٍ من النفحاتِ وفي مكّة الغرّاء بيتٌ وقبلةٌ = نُيمّمها بالطُّهر في الصَّلواتِ لمكّة في قلبي مقامٌ مُعظّـمٌ = أديـنُ به لله في الخلـواتِ لمكّة في عقلي مكانٌ مقدّسٌ = أقوم به للفكر في الجلـواتِ لمكّة في عيني سوادٌ وبُؤبو = فلستُ أرى إلا بها خطواتيِ سلامٌ وأشواقٌ وألفُ تحيّةٍ = لمكّة أزجيها مع العبـراتِ سلامٌ على أرض الحبيب محمّدٍ = يبلغه منّي شذى بسماتـي ألم تَرَنِي لمّا دُعيتُ لندوةٍ = بها سبقت أنفاسيَ الحركاتِ من المغرب الأقصى توجّهتُ شطرها = أُغالبُ أوهاق السُّرى بثباتِ إلى ندوةٍ ألقَتْ علينا ظلالها = تلقّفها الأسماع في سكناتِ بحوثٌ وأفكارٌ شَفَيْنَ غليلنا = وجَلَيْنَ للأخلاق منكشفاتِ تطارحها بالجِدِّ والحُبِّ صفوةٌ = من العلماء المخلصين ثقاتِ وتَوَّجَها من بعد ذلك حَجَّةٌ = مع الإخوة الأخيارِ والأخواتِ سعينا إليها مُحْرِمين جماعة = نُلبّي ونستهدي إلى عرفاتِ إلى عرفاتِ الله حطّت قلوبنا = نطهّرها بالذكر والدّعواتِ ولمّا أناخ الليل فينا بِكَلْكَلٍ = نفرنا ازدلفنا نجمع الحصياتِ وسرنا إلى موجِ الحجيج إلى منىً = رمينا بها في منتهى الجمراتِ ورُحنا إلى البيت الحرام تلهُّفًا = نطوف ونسعى نبتغي الرحماتِ فيا ربّنا اقبلها حنانيك حجّة = وأجْزِل لنا فيها من الحسناتِ ويا ربّنا اجعلها بفضلك توبة = نَصُوحًا تُزيحُ الغَمَّ والكُرُباتِ ويا ربّنا اكتب لي بمكّة عودة = أروي بها منها صدى زفراتي فمكّة تجري في دمائي وأعظُمي = ومكّة أَفْديها بكلّ حيـاتي فيا ربّـنا فاشهـد فإنّـي أُحبُّها = بقلبي وأنفاسي ومجمعُ ذاتي ويا ربّنا فارجع إلى الرُّشد أمّة = تزُجُّ بها الأهواء في النكباتِ فهذي فلسطين الحبيبة تصطلي = بنارٍ مبيدٍ للسلام وعاتِ وهذي بلاد الرَّافدين تدفقت = عليها دماءٌ تُسْتَقى بتراتِ وهذي بلادُ الله شرقًا ومغربًا = تنوء من الآهاتِ والحسراتِ فيا مكّة الأنوار جودي بعطفةٍ = على أمّةٍ تنسابُ في الفلواتِ ويا مكّة القرآن مُدّي لها يدًا = تُخَلِّصُها من سطوةِ الغمراتِ أعيدي إليها النور بعد دُجُنَّةٍ = ورُدّي إليها الصحو بعد سباتِ |
الصابوني
الشاعر : محمد ضياء الدين الصابوني
يا أهل مكة
أتيت بيتك يا رباه في ظمأ = وحرقة الشوق في الأضلاع تكويني وطفت بالبيت والأشواق عاصفة = والحب يدفعني والوجد يدنيني فموجة من حشود القوم تقذفني = وموجة من كرام الناس تقصيني حتى إذا بلغت نفسي ملامسه = من بعد لأي وجهد كان يضنيني قبلته وفؤادي كله لهف = وخلت روحي تسمو في عليين كم قبلته شفاه قبلنا سلفت = من الصحابة والغر الميأمين عقيل شعرت أني قد قبلت ثغرهم = وأنني هائم مثل السلاطين أتيت بيتك في شوق وفي لهف = ونشوة الحب للتقبيل تغريني يا أهل " مكة " حيا الله عنصركم = أنتم كرام ومن قوم وفيين أجدادكم فتحوا الدنيا بعدلهم = كانوا مع الحق في كل الأحايين يا أهل " مكة " إني قد عرفتكمُ = أهل الصلاح وأهل الفضل والدين أني أكِنُ لكم حبا وعاطفة = وصادق الود في عمق وتمكين ما فكر القلب يوما في سلوكم = لا والذي خلق الإنسان من طين لكم وددت بان أحظى بقربكم = وأن أكون كليلي للمحبين هل تذكرون لقاء ضم صفوتكم = وإن قلبي فيكم جد مفتون وكم قضينا سويعات السرور معا = والدهر ذو شدة حينا وذو لين ! أحباب قلبي انتم منتهى أملي = وكم تمشى هواكم في شرايني أن لم تريحوا فؤادا من هواجسه = فمن لقلب طويل البث محزون ؟ يا جيرة " البيت " أن الله فضلكم = و ( أهل طيبة ) بالتقوى والدين عرفتكم فعرفت الفضل شيمتكم = ونلت بركم كل الأحايين وكم غمرتم نفوساً في محبتكم = لا زلتم موئلا للمجد في الدين لاعيب فيكم سوى أن الغريب بكم = يقضي الليالي في أنس وفي لين صلى الإله على الهادي وعترته = ( محمد ) صاحب الأخلاق في ( نون ) |
البرعي
الشيخ : عبدالرحيم البرعي
يا راحلينَ إلى منىً
يا راحلينَ إلى منىً بقيادي = هيجتُمو يومَ الرحيل فؤادي سرتم وسار دليكم يا وحشتي = والعيس أطربني وصوت الحادي حرمتمُ جفني المنام لبعدكم = يا ساكنين المنحنى والوادي فإذا وصلتُم سالمينَ فبلّغوا = منّي السلام أهيلَ ذاك الوادي وتذكّروا عند الطواف متيماً = صبّاً فني بالشوق والإبعادِ لي من ربا أطلال مكّة مرغبٌ = فعسى الإلهُ يجودُ لي بمرادي ويلوحُ لي ما بين زمزم والصفا = عند المقام سمعت صوت منادي ويقول لي يا نائماً جدَّ السُرى = عرفاتُ تجلو كلّ قلبٍ صادي تاللَه ما أحلى المبيت على مني = في يوم عيد أشرفِ الأعيادِ الناسُ قد حجّوا وقد بلغوا المنى = وأنا حججتُ فما بلغتُ مرادي حجوا وقد غفر الإلهُ ذنوبَهُم = باتوا بِمُزدَلَفَه بغيرِ تمادِ ذبحوا ضحاياهُم وسال دماؤُها = وأنا المتَيَّمُ قد نحرتُ فؤادي حلقوا رؤوسَهمو وقصّوا ظُفرَهُم = قَبِلَ المُهَيمنُ توبةَ الأسيادِ لبسوا ثياب البيض منشور الرّضا = وأنا المتيم قد لبست سوادي يا ربِّ أنت وصلتَهُم وقطَعتني = فبحقِّهِم يا ربّ حل قيادي باللَه يا زوّارَ قبرِ محمّدٍ = من كان منكُم رائحٌ أو غادِ لِتُبلغوا المُختارَ ألفَ تحيّةٍ = من عاشقٍ متقطِّع الأكبادِ قولوا له عبدُ الرحيم متيِّمٌ = ومفارقُ الأحبابِ والأولادِ صلّى عليكَ اللَهُ يا علمَ الهدى = ما سارَ ركبٌ أو ترنَّمَ حادِ |
عمر محمد مسعود
عمر محمد مسعود
حُبُّ مكة
لقد رحت للبيت العتيق بلهفة = لألقى أحبائي هنالك ركعا لألقاهم بين المطاف وزمزم = يعُبون من ماء هنالك مترعا عشقتك يا بيت الا له مكرما = فقد زاد حبي هاهنا وترعرعا عشقتك ثاني القبلتين ولم أزل = لبيتك ربي دائما متطلعا علي لأهل البيت عهد موثق = بحبهم حقا وليس تصنعا إذا جئت تبغي النور والهدى والتقى = ستلقاه حقا ما أتيت موسعا فيا نورها الهادي لكل كريمة = جبرت عثار الناس بحراً وأربعا حببتك كل الحب إني لمدنف = فلا أظهر الرحمن فيك مواجعا سقى الله رب البيت خير سقائه = أناساً تهيوا للعبادة والدعا أناجي إلهي أن أظل بمكة = ففيها الهدى والخير يأتي مشرعا أليست محطاً للقلوب ومسكناً = لكل ندي في القرآن تضلعا نفاديك بالأهلين يا قبلة الهدى = ويا مأرز الإيمان قدرا ومنبعا فيا مكتي لا جاءك اليوم خاسر = ولا بزغت شمس له وتفزعا عليك سلام الله ماهزّ نائح = جناحيه ليلا أو نهارا وأقلعا |
جار الله
الإمام جار الله الزمخشري :
أنا الجار جار الله مكة مركزي = ومضرب أوتادي ومعقد أطنابي وما كان إلا زورة نهضتي إلي بلاد = بها أوطان أهلي وأحبابي فلما قضت نفسي ولله درها = لبانة وار زندها غير هياب كررت إلى بطحاء مكة راجعا = كأني أبو شبلين كر إلى الغاب فمن يلق في بعض القريات رحله = فأم القرى ملقى رحالي ومنتابي إذا التصقت في آخر الليل لبتي = بملتزم الأبرار من أيمن الباب أو التصقت بالمستجار أو التفتت = على الركن أجفاني بسح وتسكابي فقل لملوك الأرض يلهوا ويلعبوا = فذلك لهوي ما حييت وتلعابي |
علية الجعَّار
الشاعرة : علية الجعَّار
موطن الأمن والحمى والجوار = درة الأرض منبع الأنوارِ حرم الله أرضها وحباها = من قديم بباهر الأسرارِ مكة الطهر والسلام تسامى = قدرها فوق سائر الأمصارِ رحمة الله ظللتها وفيها = من رضا الله أعذب الأنهارِ كل من جاء للرحاب يلبي = دامع القلب خشية من نارِ يملأ الأمن قلبه وتنقي = روحه رحمة من الغفارِ |
الشريفة الهاشمية
شاعرة الحرمين : السيدة الشريفة الهاشمية
(1) يامكة النور
يا مكة النور التـي مـا مثلُهـا = بيـن البقـاع بعالِـم الأسبـابِ يا خير أرض الله جئتُكِ أرتجي = عفو الكريـمِ الواحـد التـوّابِ أُم القُـرى مهـد النبـيِّ وآلـه = كم قد نُعِـتِّ بصفـوة الألقـابِ يا مهبط الوحي الشريـفِ بآيـه = بالغارِ ألقى الروحُ بدءَ خِطـابِ بك كعبةٌ قـد شُرِّفـت بِمكانِهـا = ما بين وادي النورِ خيرُ رحابِ الله أكبـرُ قـد بـدت أنوارهـا = تزهو بفيض جمالهـا الخـلاّبِ هي بَهجة الأنظار عنوان التُقـى = مهوى الفؤادِ وملتقـى الألبـابِ هي مرجع الناس اجتماع وفودهم = والزَورُ بعد الزَورِ نعـم إيـابِ أرضى بِها اللهُ الرحيمُ رسولـهُ = لتكـون قبلتنـا ليـومِ حسـابِ ولقد أتينا اليـوم نـورد حبّنـا = بجوار بيـت الله عنـد البـابِ بتلاوة القـرآن والذكـر الـذي = يشفي عميق الجرح والأوصابِ يا رب فاجمع شملنا واغفر لنـا = وافتح لنـا يـا فاتـح الأبـوابِ جئنـاك يـا اللهُ نحمـلُ ذنبنـا = فامح الذنوبَ وداوِ طول غيابـي أنت السـلامُ فحيِّنـا بسلامكـم = نحيـا بـدار سلامكـم بثـوابِ واجعل لنا فيها قراراً مُرتضـى = وارزقْ ومُنْ بالخيرِ دون حسابِ فالبيتُ بيتـك والأمـانُ أمانكـم = والفضلُ فضلك مالك الأسبـابِ ونعوذ بالرحمن من كُفرٍ ومـن = فقرٍ ومـن قبـرٍ بسـوءِ مـآبِ وصلاةُ ربي في مَجيـد كتابـه = تغشى نبـي النـور والأطيـابِ صلّى عليه اللهُ مـا لبّـى النـدا = بين الشعوبِ خلائـطُ الأنسـابِ وتجمـع العُبّـادُ فـي أرجائهـا = بالحب مثل تجمـع الأصحـابِ يرجون رحمته وقد تركوا الحِمى = لله لا للـمـالِ والأحـســابِ (2) من ماء زمزم
من ماء زمزمَ أطفئوا ناري = فلقد أتيتُ بشوقي الضاري أشكيكمُ حالي وملهبتـي = وأردُّ دمع محاجري الجاري فارووا بطيب سقائكم ظمأي = واسخوا عليَّ بغير معيارِ فلأجلكم فارقت كلَّ هوى = ولأجلكم قد كان مشواري ورميتُ كلَّ علائق خلفي = ونذرتكم عزمي وإصراري لَمّا تبدى البيت في نظري = قد حُفَّ من أهلٍ و زوّارِ من حوله العبّادُ في فضلٍ = يتلون من آيٍ وأذكارِ طافوا ومِلءَ قلوبِهم عَشَمٌ = وسَعَوا بعَونِ عطائه الساري أيقنتُ أني اليوم في عيدي = وعرفتُ أنّه خير أقداري وعلمتُ أن السعد عندكُمُ = أنتم مراد القلبِ يا باري أدركتُ أن العيش دونكُمُ = يعني خواء العمر والدارِ أنتم محطَّ مُناي أجْمَعُـهُ = في كل مسألةٍ ومضمارِ أنتم رجائي ، ليس لي أملٌ = غيرَ ابتـغائي عفوَ غفّارِ ما عاد لي شئٌ ليشغلنـي = غير الصلاةِ بجوفِ أسحارِ إن لم يكن لجمال طاعتكم = فلمن تكَرَّسُ كلَّ أعمارِ ولمن يكونُ العسرُ واليُسرُ = ولِمن تكون مبرة الجارِ بجواركم ألفيت مرحمتي = ولوجهكم أطلقت أشعاري وصلاة ربي دائماً تغشى = أمَدَ الزمان وبُعد أمصارِ من جاء بالقرآن معجزةً = خير البرايا ، ليس بالقاري (3) يا مكّ
يا مكُّ قد أودى الهوى بقلوبنا = فأتاكِ صبٌّ في الغرامِ سقيمُ للهِ ما صنع النوى بحُشاشةٍ = أشواقُها بين الديارِ تهيمُ عُدنا إليكِ بلهفةٍ لا تنقضي = قد شفَّنا قبل الوصولِ تُخومُ جئنا وقد ذُقنا الجوى بفراقِكم = كلُّ الدروبِ إلى هواكِ تؤومُ هاتي من النسَماتِ ما يشفي الضنى = قد أوجَعتنا في البِعادِ كُلومُ هاتي من النفَحاتِ ما نحيا به = طال العناءُ وحالُنا مكتومُ إنّا وإن بعُدت خُطانا إنَّما = قلبي لديكم عاشقٌ ومُقيـمُ وفدت إليك ببُكرةٍ أراوحُنا = إذ قد دعاها حبك المختومُ تاقت إلى البيت العتيقِ ونورِهِ = ولساعةٍ نهنا بها ونُقيمُ كل المباهجِ تبتدي أوقاتُها = عند القُدومِ وقد رعاهُ عليمُ لمّا نطوفُ بكعبةٍ بجمالها = وبها تجلّى للعبادِ كريمُ وبسجدةٍ وجبت لأعظمَ صانعٍ = ولبارئٍ بالمؤمنينَ رحيمُ قد أسعد الحرمُ الجليلُ نفوسَنا = وأحاطَنا بين الربوعِ نعيمُ يا مكُّ مالي عن رِحابِكِ غُنيةٌ = إن الهناءَ بلا لِقاكِ عديمُ ثم السلامُ على الحبيبِ بطيبةٍ = فيها أنارَ على الزمانِ يتيمُ هو قُدوةُ الإنسانِ عِنوانُ التُقى = هو قائدٌ هو رائدٌ و قويمُ هو دُرّةُ الأيّامِ مِصباحُ الهُدى = ما مثلُ طيبةَ ذي السناءِ نرومُ أرضُ الأحِبةِ طُرَّةٌ بين الدُنى = طلعت شوارقُ بدرِها ونجومُ إنَّ الحياةَ وسعدها في زَورةٍ = بركاتُها عبر الزمانِ تدومُ صلى الإلهُ على النبيِّ وآله = فيضُ الثناءِ عليهُمُ لعميمُ (4) مَكَّـة
إذا هـلَّ ذوالحجـةِ الْمُزدهِـرْ = ولـبّى النداءَ جُمُـوعُ البشَرْ تـمنيـتُ مكـةَ ، أنوارَهـا = ووديانـَها والجـبالَ الزُهُـرْ ففيها الشفاءُ لروحي العـليله = وآهٍ على الفجر لو يسـتمـرْ تنـعّـم قلـبي بذكر الإلـه = وطافت بفكري جليلُ الصورْ بدا البيتُ لي عند باب السلامِ = سنـاءَ النفوسِ ونورَ البصـرْ وزانت صـلاةٌ لنـا عِنـدَهُ = وزادت جـمالاً بِرَجْعِ السُوَرْ هنـا أبصـر النـورَ إسلامُنا = هنا مَـرَّ حمزةُ ، صاح عُمَـرْ وكُنّا نعيـشُ كمـا إخـوةٌ = ومَـرَّ زمانٌ كحـلـمٍ عبـَرْ فجَدَّ لنـا كل حـينٍ لقـاءٌ = بـأزكى مكانٍ رعاهُ القَـدَرْ وبينَ الحجيـجِ أريجُ الحيـاة = ويا مكـة الخير أشهى مقَـرْ أيا قاصدين جِوار الحـرمْ = ويا زائـرين الديـار الأغرْ هبونا دعـاءً لأرواحـنا = تـردّدَ سعياً و عند الحجرْ سلامي إلى كعبةٍ شُرّفت = تـحلّق حول بِـناها البشرْ هنيئاً لمن طاف سبعاً بِها = ومن طاف حول سناها ظفرْ سلامٌ ونفسي تَحِـنُّ لَها = تـود الْقدومَ وما قد قُـدِرْ سلامي لمن هام عشقاً بِها = ومَن ذاق عبق هـواها عذرْ إلى كلِّ ركنٍ بأرجـائها = لكل مُصلّى وكل مَـمَـرْ دعائي لربي العـلي القدير = يعيد الْمُقامَ لمن قد حضرْ وصلى الإله على المصطفى = إمـام الكرامِ وخير البشرْ زكاةً لـنا وأسـلافـنا = وأخلافـنا في رواقِ الدهرْ (5) الكعبة المُشرّفة
تحلّق حولها البشـرُ = فلا بدوٌ ولا حضرُ ولا عُربٌ ولا عَجَمٌ = وكلُّ الجمعِ مبتدرُ بأثـوابٍ مُطـهرَّةٍ = وأرواحٍ بِها وطـرُ هنيـئاً للأُلى قدموا = وطوبى للأُلى ظفروا فهذي الكعبة الغرّاءُ = زان بِجوفها الحجرُ بِملقـاها ومَـرآها = يُسَرُّ القلبُ والبصرُ فيا ربّـي بلبـيكَ = أتيتُ اليـومَ أعتمرُ فحمدك نعمةٌ عُظمى = وملكك ماله أُطُـرُ أطوفُ بفرحةٍ سبعاً = وماء العين منهمرُ بأشواقٍ تعانقنـي = وتَـوقاً بات يستعرُ يجولُ بِمُهجةٍ حرّى = لطيب رضاك تنتظرُ تقبّل ربّ طـاعتنا = وهذا القلبُ منفطرُ وتلكَ نفوسنا وفدتْ = لتستجدي وتعتذَرُ وتدعو من له دانت = وفوق الخلقِ مُقتدرُ هزيع الليلِ يُدركنا = بأزكى الذكرِ مُزدهرُ فما أحلاه من حَرَمٍ = وما أحرى من افتقروا صلاة الله مولانا = على مَنْ دونهُ القمرُ على من حفّه الوادي = وحنَّ الجذعُ والشجرُ نبـيٌ شرَّف الدنيا = بأنـوارٍ بِـها عبروا |
شاعر مكة : علي أبو العلا
شاعر مكة : علي أبو العلا
(1) مكة رحاب الوحي
كم ليال جلّل الوحيُ رُباها = قف.. سل التاريخ.. ينبي عن علاها مجدها قد فاق أمجاد الورى = وسنا الكون وميض من سناها علمتني أنشد المجد ونفسي = في حِمى "الكعبة" يزداد تقاها "مكة" يا قبلة الأرض وحسبي = أن بنى الله كياني من ثراها "مكة" يا منزل الوحي وضيئاً = غمر الأكوان فازدان بهاها "مكة" يا مهد آساد الشرى = أخضعوا الآفاق وانقادت ذراها تربها كالمسك عطراً وعبيراً = وأمان الله قد عمّ حماها "كعبة" القصاد من حج منيباً = أبلغ النفس من الأجر مناها ودعا لله في موقفه = "عرفات الله" يحظى من أتاها بوأ الله لإبراهيم فيها = موضع البيت فلبى وبناها عندها أذَّن في الناس فقالوا = ربنا "لبيك" ربّي من دعاها ليس في الأرض مكان مثلها = وبها "زمزم" موصوف دواها وروابي "المروتين" استقبلت = من سعى لله بدءاً بصفاها وجبال النور تروي قصصاً = فيه ذكرى خلدّ الدهر رؤاها حيث ضاء "الغار" من نور نبيّ = دينه السمح.. وكم أحيا دجاها أشرق التاريخ لما أُنزلت = "اقرأ" وازدان باللفظ حلاها وتوالى سلسلاً قرآنها = ينذر الأجيال.. للحق دعاها فهي في ركب الليالي كوكب = وهي للأيام صفو في صفاها وجبال النور تروي قصصاً = فيه ذكرى خلّد الدهر رؤاها من كُديّ وكداء أو ثبير= شده "الهجرة" "ثَوْرٌ" فرواها موطن الفصحى ومنها أشرقت = شُعل التبيان تزهو بحلاها وبها التوحيد أضحى مشرقاً = لهدى الناس مناراً قد هداها أهلها قد أمن الله حماهم = في جوار البيت والمولى حماها هم بنو زمزم كم حجَ إليهم = من وفود الله والبيت دعاها أمم في كل عام وفدت = لِحمى الديان مأجور خطاها شهدت أجواؤها في غبطة = "ليلة الإسراء" وازدانت سماها عندها قد هلّل الكون سروراً = وتهادى الركب والقدس تباهى رحلة لم يشهد الكون مثيلاً = "لبراق" عبر الأفق سواها ربيَ الله الذي أسرى بعبدٍ = لرحاب بارك الله ثراها ربنا لبَّيك إنا قد حججنا = كل نفس آمنت ترجو هداها ربنا لبّيك والأصوات لبّت = في رحاب الوحي ينساب صداها ربنا لبّيك إن الحمد فرض = لك والنعمى بكفيك عطاها ربنا لبّيك لبتّك قلوب = خضعت للعفو قد زاد ظماها ربنا لبّيك قد لبًّت نفوس = ضلها الذنب وقد عافت شقاها ربنا أسبغ علينا رحمة = تملأ الأرض ويزدان صفاها (2) ومضة على جبال النور
يَا مَكَّةَ الخَير.. بي شَوقٌ يُتَيمُني = إلى حِمَاكِ وَيَسْتَهْوي هَوَاكِ دَمي فَمِنْ ثَرَاكِ نَمَا جسْمِي وَمَقْدِرَتِي = وَرَحمةُ اللهِ جَاءَتْ بي مِنَ العَدَم فَكُنْتِ مَوطِنَ أحْلامِي.. وتَنْشِئَتِي = بَينَ القَدَاسَةِ عَبرَ الأشْهُر الحُرُم وحَولَ كَعْبَتِك الغَرَّاء كَمْ سَبَحَتْ = نَفْسِي وَنَاجَتْ لَدَى رُكن وَمُلتَزَم وكَمْ تَعَهْدَني الإسْلامُ في كَنَفٍ = في مَنْزل الوَحْي وَالأخْلاق وَالقِيَم إنْ كَانَ كُلُّ مُحبٍّ شَاقَهُ وَطَنٌ = مِثْلي فَحَسْبي جيرَةُ الحَرَم لئِنْ سَعِدْتُ بأني ابْنُ تُربَتِهَا = فَإنَّني مِنْ ذُنُوبي.. حِيلَتي نَدَمِي تَطوفُ بيْ ذِكرَيَاتٌ عَنْكِ مَبْعَثُهَا = مُنْذُ الطُفُولَةِ تَمْضِي بي بلا سَأَم لئِنْ سَعِدْتُ بأني ابْنُ تُربَتِهَا = فَإنَّني مِنْ ذُنُوبي حِيلَتي نَدَمِي فَلَيسَ مِثْلُكِ يَرْوي الذِكرَيَاتِ عَلى = مَر العُصُور وَمَنْ يَعْلَقُ بهَا يَهم فَفِيكِ أمُ القُرَى أمْنٌ يُحَسُّ بهِ = كَالبَرء بَعْدَ زَوَال الدَاء وَالسَقَم وَكَمْ وُفُودٍ لِبَيْتِ اللهِ يَجْمَعُهَا = رُكْنُ العِبَادَةِ عِنْدَ الْخَيْفِ وَالخِيَم تَرْجُو النَّجَاةَ مِنَ الزَلاتِ انْدَفَعَتْ = عِنْدَ الحطِيم تُنَادِي بَارئَ النَّسَم تَجمَّعُوا عَرَفَاتُ الله.. مَطْلَبُهُمْ = يَوْمَ الوُقُوفِ وَكُلٌّ لِلمَتَابِ ظَمِي كُلٌّ سَواسِيةٌ لله.. يَجْمَعُهُمْ = دِينٌ بَل الفَضْلُ لِلرُّجَعَى لِمُغْتَنِم قَدْ وَحَّدَ اللهُ بالإسْلام مَظْهَرَهُم = لا فَرْقَ في اللوَن مِنْ عُربِ وَمِن عَجَم (3) أم القرى مولد الرسول
ومِنْكَ أشْرَقَ نُورٌ عَمَّ مَظهَرُهُ = وفَاضَ مِنهُ السَنَا يَعْلوُ عَلَى القِمَم تَبَسَّمَ الكَونُ مِنْ إشْرَاقِ مَولِدِهِ = صُبحاً يُطيبُ كَفيضَ الهَاطِل العَمِم يَومٌ أطَلَ عَلَى الدُنيَا.. ببَهجَتِهِ = فالبَاطِلُ انزَاحَ والإشْرَاكُ لم يَدُم واسْتَرسَلَ البشْرُ.. مُذ هَلَّتْ بَوَادِرُهُ = في صَفْحَةِ الكَونَ بَينَ السَهل والأَكَم هَلْ غَيرَ مَكةً تَاهَتْ يَومَ مَولِدهِ = وَهيَ التي عَرفتْ في الأرض بالقدِم بهَا المَلائِكَ طَافَت وَهي حَائِمَةً = في الأفْق وَالطَيرُ يَشدو أجملَ النَغَم تَزَّينتْ.. وجبَالُ النُور رَاقِصَةٌ = لِفَرحَةِ الكَون بَل لِلفَضْل وَالكَرَم حَيثُ السَمَاء بهَا الأفْلاكُ سَاهِرَةٌ = وَالموْجُ في البَحْر سَطرٌ رَائع الكلم لمْ يَشْهَدِ الكَونُ نُوراً مِثْلَ مَولِدِهِ = أكرم بِمشْرق يَوم بَاسِم القَسَم هَادِي العِبَادِ جميعاً فهوَ خِيْرَتُهُمْ = بَرَاهُ رَبُّ الوَرَى مِنْ خِيرَةِ الأمَم وَقَالَ إنَّكَ يا طَهَ.. عَلَى خُلُق = مِنَ الصِّفَاتِ عَظِيمُ القَدْر وَالشِيَم كَفَى برَبِ الوَرَى آياتُهُ شَهدَتْ = لِسيِّدِ الخَلْق.. بالأخلاق والعِظَم وَقَالَ صَلُّوا عَلَيهِ.. وَهْوَ آمِرُنَا = وَسَلِّمُوا تَسْلَمُوا في أحْلَكِ الغَمَم ومِنْ بَشَائِر طَهَ.. يَومَ مَولِدِهِ = خَوَارقٌ جَمَّةُ الإعجَاز والحِكَم اهْتَزَ إيوَانُ كِسْرَى بَعْدَ عِزَّتِهِ = وأصْبَحَ القَومُ في هَم وَفي غَمَم وفارسٌ بَعْدَ ألْفِ نَارُهُم خَمَدَتْ = ثم البُحَيرةَ غَاضَتْ فَهْي كَالعَدَم (4) وهذه قصيدة للشاعر علي أبو العلا قالها في حفل أقامه المطوفون حضره وزير الحج :
هم أهل مكة إن فكرت أكثرهم = مطوف همه حج وأركانُ خصائص في دماهم منذ نشأتهم = تجري ويدفعها دين وإيمان بها الغني يضحي وهو مغتبط = قبل الفقير ويشقى وهو جذلان وتلك دعوة إبراهيم قد كتبت = لأهل مكة من للبيت جيران قالوا المطوف قلت الكد صنعته = وكل ما قيل عنه فهو بهتان وهمه خدمة الحجاج وهو لها = مجند حوله أهل وخلان وفوق ذلك يلقي اللوم وهو إذا = فكرت في أمره فالحال تعبان أجر المساكن مرهون بتعرفةٍ = والماء من فوقها والفَرْشُ ألوان فكيف نطلب منه فوق قدرته = ونحن نعلم عنه فهو إنسان؟ |
صالح سعيد الزهراني
د.صالح سعيد الزهراني
مجموعة شعرية بعنوان " تضاريس الجلال " (1)
هذه الأرجاءُ ذَرّاتُ الحنين = من حصاها شعّ فجرُ المؤمنين إنها (مكة) أسفارُ هدىً = قبلةُ الدنيا ، وعشقُ المتقين من هنا (اقرأ) أدارت قصّةً = هانتِ الدنيا ، و(اقرأ) لاتهون وهنا التأريخ قلبٌ وارفٌ = نبضُهُ (زمزمُ) و (البيتُ الأمين) (2)
ربِّ يامَن عرفتَ مافي السريرهْ = صُن بلاداً في قلبِ شبه الجزيرهْ وأجِرها ، واحفظْ عليها هداها = ياإلهي ، واكتبْ لها خير سيرهْ ووجوهاً جاءت تريدُ جواراً = ياإلهي : هبْها جواراً وجيره ربِّ ، وارزق هذي البلادَ برزقٍ = إنّ نعماك للعبادِ وفيرهْ فاستجاب الرحمنُ ، وانداح فجرٌ = وتهادتْ فيه الجموع الغفيرهْ غرقت في البياض ، وهي تلبي = بنداءٍ ، تريد أزكى شعيره قال ربي : كوني ، فكانتْ جلالاً = في ظلال الإيمان تغفو قريرهْ كسر الله من أراد بها السوءَ = فخابت كل الوجوهِ الكسيرهْ كيف تخشى البلاد من ألف باغٍ = وهي دوماً بربها مستجيرهْ (3)
جاء في قلبه أجلُّ المعاني = مستجيباً للواحد الديّانِ دعْهما هاهنا ، وإني رقيبٌ = ليس يخفى عليّ ماذا تعاني أمكثا ، إنني أُمرتُ بهذا = فأجابت : متى يكون التداني؟ إن يكن أمرهُ إليك تعالى = فستغدو الصحراءُ أحلى الجِنانِ واستطال اللظى ، ومكةُ لفحٌ = ظَمَأٌ يستطيلُ مثل الدُّخانِ ورضيعٌ يبكي ، ولهفةَ أمٍّ = فوق لفح الرمضاء لفحُ الحنانِ فيَنِزُّ النَّميرُ بالركضِ نهراً = لؤلؤياً يُطفي لظى الظمآنِ وتطير البطاح شوقاً إليه = وعلى زمزمٍ تحطُّ الأماني كل عسرٍ بالله يغدو يسيراً = علمتنا حلاوةُ الإيمانِ يابطاحَ الجلالِ كوني مداراً = للمعالي ، ودوحةً للأمانِ (4)
(زمزمٌ) وابتدتْ بشارات عيدِ = بصباحٍ زاهيْ المحيا جديدِ كتبتْ للعطاء معنىً جديداً = يتسامى عن رِبْقَةِ التقليدِ فتنامى في هذه الأرض بذلٌ = كل قلب يقول : هاكم وريدي سارتِ الخيل للفتوح بأهلي = دون بذل النفوس بذلُ النقودِ وبلادي من عهد ( تبّعَ) كفٌّ = غمرت بالعطاء كل الوجودِ وستبقى للخيرِ نهراً طهوراً = لن تنادي : ياساعة الجودِ عودي إن كفَّ الكريمِ تندى وتخشى = وبلادي تقول : هل من مزيدِ ؟ (5)
رؤيا لها (بُصرى) تضئُ جهاتها = وتسير في أنوارها ( صنعاءُ) و( حراءُ) يكتب للزمان فصولها = وتظلُّ تحفظُ ذكرها ( البطحاءُ) هذي الجبال السود بين هضابها = لغةٌ يسافرُ خلفها الشعراءُ أوَ لم يقل شوقي – وشوقي حكمةٌ - : = ( ولد الهدى فالكائناتُ ضياءُ )؟!! أوَ ما إلى نفَحاتها اشتاقَ الورى = ولَكَم يعزّ على الكثير لقاءُ أرض ثراها بهجةٌ ، وجبالها = أَلَقٌ ، ونبتُ الأخشبينِ وفاءُ حنّت إلى الذكر الحكيم ، فلحنُها = ذكرٌ ، وكل ضيوفها قراءُ الله ألبَسَها الجلالَ ، وحفّها = بالمكرماتِ ، وبعضهنّ الماءُ ولد الرسولُ بها ، وقبلتهُ بها = واستقبلَ الوحيَ العظيمَ حراءُ جلّت مكارمها ، بحكمةِ ربها = وتكاثرت من فضلها الأسماءُ (6)
وهنا تدورُ على البطاحِ حكايةٌ = منسوجةٌ من أنبلِ الوقَفَاتِ ويجئُ ( أحمدُ) فالصباح بشارةٌ = والكونُ آذانٌ من الإنصاتِ وعلى(حراءَ) الله ينزلُ هديهُ = عذبَ الحروفِ ، بأروعِ الآياتِ وتذوبُ مكةُ في البيانِ ، ويبتدي = من هذه البطحاءِ سِفرُ حياةِ و (محمدٌ ) يبني النفوسَ مهللاً = ويضئُ بدراً في دجى الظلماتِ و (حراءُ ) يفتحُ للكتابِ أكفّهُ = ويتمّ هذا الخيرُ في عرفاتِ سِيرٌ يضنُّ بها الزمان ، لأنها = نفحاتُ تزكيةٍ ، وطهرُ صلاةِ ماازدادتِ الدنيا شجىً ومصاعباً = إلا بدا زحفٌ لأهلِ ثباتِ العدلُ ، والكرمُ الجميلُ ، وهِمّةٌ = كسرتْ جيوشَ ممالكٍ وطغاةِ من أين نفتتحُ الحديثَ عن الندى = ومحمدٌ يسمو على الكلماتِ يبقى أجلًّ من البيانِ وسحرهِ = وأجلَّ من شعري ومن أبياتي (7)
أمامكَ حَبْكةُ النجوى هُلامُ = وعندك لايصحّ ليَ الكلامُ لأنكَ قبلة الدنيا ، وإني = أُجِلّكَ ، والجليلُ له احترامُ وأنّكَ آمنٌ ، والكونُ خوفٌ = فماذا أنت؟ يابلدي الحرامُ على جنباتكَ الإسلامُ ، قامت = دعائمهُ ، وعزّ بك السلامُ ووجهكَ بهجةٌ ، ورؤاكَ نصرٌ = وفي جنبيكَ زمزمُ والمقامُ وصوتكَ روعةٌ تتلى ، وذكرٌ = على ترتيلهِ سجعَ الحمامُ إليكَ من البياض أتتْ ألوفٌ = أقاموا في ربوعكَ واستقاموا ونهرُ الخيرِ حيثُ وُجِدْتَ يجري = لهذا حولَهُ كَثُرَ الزّحامُ يُلامُ بحبّهم قومٌ أحبّوا = ولكنّا بحبّكَ لانُلامُ إذا لم تبقَ في الأذهانِ رمزاً = نعظّمهُ ، على الدنيا السلامُ (8)
عزّ فيكِ الضعيفُ ، وهو أجيرُ = فلهُ في حماكِ كفٌّ نصيرُ ونفَتْ (مكةُ) الغثاءَ ، وعزّت = كيف يحيا فوق النقاءِ الفجورُ ؟! وسما معدمٌ ، وسادَ ضعيفٌ = وتآخى مع الغنيِّ الفقيرُ حينً عاشتْ نفوسُنا في رياضٍ = لم يعشْ في ذُراكِ قلبٌ كسيرُ وإذا أورق التُّقى في نفوسٍ = عفَّ لفظٌ ، وعفَّ معْهُ الضميرُ وهنا لم يزل لدى الناس وعيٌ = أنّ عمرَ الإنسانِ عمرٌ قصيرُ وجمالُ الحياةِ بذلٌ وصبرٌ = كمْ تساوي هذي الحياةُ الغَرورُ ! أوقِفُوا للإله مالاً وعُمراً = خوفَ يومٍ عذابُهُ مستطيرُ (9)
هذه الأرضُ مدارٌ ملهمٌ = قبلة الدنيا ، ومنها زمزمُ وعليها ( المصطفى) كان له = قصة تروى ، وذكرٌ مفعمُ وبها ( القرآن) أعلى أمةً = سبقتها للمعالي أممُ فبنت في رحلة الحق لها = دولةً ، تاقت إليها الأنجمُ علمتنا أننا من أمةٍ = ترتضي الموتَ ولاتستسلمُ ليس يحمي الحق إلا فارسٌ = إنّ أدنى هيبةِ الحقِ دمُ وهنا قامت عليها دولةٌ = بِعُرى قرآنها تعتصمُ خيّم الحبُ عليها ، فهي في = حاضرٍ زاكٍ ، وآتٍ يبسُمُ سنةُ الله التي مابُدّلت = ليس في درب الهدى من يندمُ (10) كم بنى الطاغون من بيتِ وأعلى الزيفُ من صوتِ فلم يبلغْ ؛ لأنّ اللهَ دكّهْ وهنا أول بيتِ لم يزلْ من فضل ربي يرفعُ الصوتَ نديّا وهنا نادى المنادي فأتى الكون يُلبّي بعَثَ اللهُ نبيّا شَقْشَقَ الفجرُ من البيتِ الأمينْ لِمَن الملكُ ؟ لربّ العالمين وجلا الإيمانُ ليلَ الكفرِ قَيْدَ الجهلِ فكّهْ وسيبقى النورُ يسطعْ من رُبى البيت المطهّرْ وتظلُّ : اللهُ أكبرْ في جهاتِ الكونِ تصدعْ من هنا من خيرِ أرضٍ قبلةُ الإسلامِ مكّهْ |
محمد حسن فقي
الشاعر محمد حسن فقي مكتي
مكّتي لا جلالٌ على الأرضِ = يداني جلالَها أو يفوقُ ما تبالينَ بالرشاقةِ و السحرِ = فمعناكِ ساحرٌ و رشيقُ سجدت عندهُ المعاني فما = ثمَّ جليلٌ سواهُ أو مرموقُ و مشى الخلدُ في رحابِكِ مختالاً = يمدُّ الجديدُ منهُ العتيقُ أنتِ عندي معشوقةٌ ليسَ يخزي = العشقُ منها و لا يُضِلُّ الطريقُ ما أُباهي بالحسنِ فيكِ = على كثرة ما فيكِ من مغانٍ تشوقُ أنتِ قدسٌ فليسَ للهيكلِ = الفاني بقاءٌ كمثلِهِ و سموقُ كلّ حسنٍ يبلى و حسنكِ يا مكّةُ = رغمَ البلى الفتيُّ العريقُ دَرَجَ المصطفى عليكِ فأغلاك = و أغلاكِ بعدهُ الصّدّيقُ وَ شكوكٌ من الرّجالِ سبوقُ = جدٍّ من خلفِهِ فجلّى سبوقُ إن أرادوا القتالَ أرجفتِ الأرضُ = و ضاقت على العدوِّ الطريقُ أو أرادوا السّلامَ رحّبَ = بالسّلمِ عدوٌّ أصابهُ التمزيقُ ليسَ بغياً قتالُهُم إنه الرشدُ = ينيرُ السبيلَ و التوفيقُ كانَ في اللهِ حربهم و العداواتُ = و في اللهِ سلمهم و الوثوقُ نَجِدُ الأنسَ في رحابِكِ = و البسطةَ حتّى كأنّنا ما نضيقُ و يشدّ القلوبَ نحوكِ يا مكّةُ = حبٌّ يطوي القلوبَ وثيقُ ما نطيقُ الفراقَ عنكِ و هل = يحملُ قلبٌ في الحبِّ ما لا يطيقُ يا نفوساً تطوفُ بالبيتِ = لولا حرمة البيتِ ميّزتها الفروقُ أنتِ لولا الإسلامُ كنّا نرى = السابقَ منّا يفوتهُ المسبوقُ مكة شَجانا مِنْكِ يا مَكَّةُ ما يُشْجى المُحِبِّينا! فقد كُنْتِ لنا الدُّنيا كما كنْتِ لنا الدِّينا! وكنْتِ المَرْبَعَ الشَّامخَ يُرْشِدُنَا ويَهْدِينا! وكنْتِ الدَّارةَ الشَّمَّاءَ تُكْرِمُنا وتُؤْوِينا! وكنْتِ الرَّوضَةَ الغَنَّاء تُلْهِمُنا وتُعْلِينَا! فما أَغْلاكِ يا مكَّةُ أَنْجَبْتِ المَيامِينا! وما أَحْلاكِ يا مكَّةُ ما أحلا القرابينا! نُقَدِّمُها لِمجْدِ الله يُسْعِدُنا ويُدْنينا! أيا مَوْطِنَ مِيلادي لقد شَرَّفْتِ مِيلادي! كأَنِّي وأنا النُّطْفَةُ كُوشِفْتُ بِأعْيادي! وكانَ صِبايَ تغريداً كأَنِّي البُلبُلُ الشَّادي! يَرى في الـرَّوْضِ والغُـدْرانِ ما يَنْشُدُه الصَّادي! وما كانت سـوى الأَّقْـداسِ أَوْدَعَها بِها الهادي! فَسُبْحانَ الذي كَرَّمَ منها الطَّوْدَ والوادِي! فكانا سادةَ الأَرْضِ بأغوارٍ وأَنْجادِ! فَهَلِّلْ يا صِبايَ الغَضَّ أَنْتَ سَلِيلَ أَمْجادِ! وكانَ شَبابيَ المَجْدُودُ بين ظِلالِها يًنْمُو! ويَمْرَحُ بَيْنَ أَتْرابٍ شمائِلُهم هي الغُنمُ! فَكلُّ سِماتِها شَمَمٌ وكُلُّ لِداتِها شُمُّ! هي الأُمُّ التي احْتَضَنَتْ فبُورِكتِ النَّدى. الأُمُ! فَلَيْس لَنا بِها هَمٌّ سِواها فهي الهَمُّ! يُزيدُ لها حياةَ المَجْد وهي المَجْدُ والكَرَمُ! سَقَتْها السُّحْبُ ما يَخْضَرُّ منه القاعُ والأكَـمُ! فما أَكْرَمَ ما أَشدَتْهُ ما يَسْمو به القلم! أَلا يا مَكَّةُ العَصْماءُ يا حب الملايين! وذات المَجْدِ في الدُّنيا وذات المجْدِ في الدِّينِ لقد أَنْجَبـتِ مـن أَنْجَبْـتِ من غُرِّ المَيامِين فَكانُوا النُّورَ لِلْعالَمِ في كُلِّ الميَادينِ! وكانوا الخُلُق السَّاِميَ يَعْلُوا بالمَساكينِ! فَيَرْفَعُهم إلى الذُّرْوَةِ تَصْبو لِلْمضَامِين..! فما يَعْنُونَ بالأَشْكالِ تَسْخَرُ بالمجانِين! كُفينا بِكِ يا مَكَّةُ مِن شَرِّ الشَّياطِينِ! يا حَنِيـني لِمًكَّـتي رَغْـمَ بُعْـدي عن ثراها الزَّكِـيِّ.. عـن أَبنائِـهْ! أنا مِن ذلك الثَّـرى قـد تكَوَّنْـتُ وفي ظِلّهِ وظِلِّ سَمائِهْ! كيف لا أَسْتَعِرُّ مِـن حُبِّـه الهـادِي ولا أَسْتَطيلُ مِن إطْرائِهْ؟! هُولِي خَيْرُ ما أَسْتَحِـلُّ من الحُـبِّ وما أَسْتَطيبُ من آلائِهْ! ذِكْرياتي مُنْـذْ الصِّبـا عَنْـه حَتَّـى شِبْتُ. كانَتُ لِلقلبِ خيْـرَ غَذائِـهْ! لًيْتَني ما ارْتَحَلْتُ.. ولا غَابَ عَنِ العَيْنِ سَرْمَدِيُّ سَنائِهْ! تِلْكَ كانَتْ مَرَابعُ العِـزِّ والصَّبْـوةِ في ناسه. وفي أندائِهْ! أَتمَنَّى البَطْحاءَ تِلْكَ لِمَثْوَايَ ندِيّاً في صُبْحِه ومَسائِهْ! بّيْن أَهْلي وَبَيْن صَحْبي فما أَطْيَبَ هذا الرُّقادَ في بَطْحائِهْ! رَبِّ إنَّ اللِّقاءَ أَمْسى قَريباً فأَرِحْنِي بِمَنِّه وعطائِهْ! إنَّ رُوحي مِن الآثامِ تَلَظىَّ فهو يَخْشى مِن جُرْمِـهِ واجْتِرائِـهْ! فَعَساهُ يَلقى بِعَفوِكَ عَنْه ما يُرِيـحُ الأَثيـمَ مِـن بُرَحائِـهْ! كانَ إيمانُهُ قَوِيّاً نَقِيّاً.. لم يُعَكِّرْ جُنُوحُهُ مِن صَفائِهْ! أّنْتَ تَدْرِي به.. وتَعْـرَفُ نَجْـواهُ فَخَفِّفْ عنه شَدِيدَ بَلائِهْ! أَيُهذا الإيمانُ.. يا بَلْسَمِي الشَّافي شَفَيْتَ السَّقيمَ مِن أَدْوائِة! |
طاهر زمخشري
الشاعر طاهر زمخشري إلى المروتين
أهيم بروحي على الرابيه = وعند المطاف وفي المروتين وأهفو إلى ذكر غاليه = لدى البيت والخيف والأخشبين فيهدر دمعي بآمــاقيه = ويجري لظاه على الوجنتين ويصرخ شوقي بأعماقيه = فأرسـل من مقلتي دمعتين أهيم وعبر المدى معبد = يعلق في بابه النيرين فإن طاف في جوفه مسهد = وألقى على سجفه نظرتين تـراءى له شفق مجهد = يواري سنا الفجر في بردتين وليس له بالشجا مولد = لمغترب غـائر المقلتين أهيـــم وقلبي دقـــاته = يطير اشتياقاً إلى المسجدين وصدري يضج بآهاته = فيسري صداه على الضفتين على النيل يقضي سويعاته = يناغي الوجوم بسمع وعين وخضر الروابي لأنـاته = تردد من شجوه زفرتين أهيم وحولي كؤوس المنى = تقطر في شفتي رشفتين فأحسب أني احتسبت الهنا = لأسكب من عذبه غنوتين إذا بي أليف الجوى والضنى = أصاول في غربتي شقوتين شقاء التياعي بخضر الربــى = وشقوة سهم رماني ببين أهيـم وفي خاطري التائه = رؤى بلد مشرق الجانبين يطـوف خيالي بأنحائه = ليقطع فيه ولو خطوتين أمـرغ خدي ببطحائه = وألمس منه الثرى باليدين وألقي الرحال بأفيائه = وأطبع في أرضه قبلتين أهيم وللطـير في غصنه = نواح يزغرد في المسمعين فيشدو الفـؤاد على لحنه = ورجع الصدى يملأ الخافقين فتجري البوادر من مزنه = وتبقي على طرفه عبرتين تعيد النشـيد إلى أذنه = حنيناً وشوقاً إلى المروتين مناجاة الرحاب المقدسة في مهبط الوحي في دمي ثورةُ الحنين لهيباً ليس يُطفيه من عيوني نَميرُ وبنفسي لَوَاعجٌ من جَوى الشجوِ على خافقي لظاها يثُور واحتراقُ الضلوع في عاصفِ الحب جحيم يشِفُّ عنه الزَّفيرُ واشتعالُ الهوى العَتيِّ بأنفاسي قَتَامٌ في الجوِّ منه قَتِيرُ * * كلما نَاح طائرٌ فوق أَيْكٍ كان لي من نُوَاحه تَذْكيرُ فترامتْ خوافِقِي أُغنِياتٍ من فؤادٍ برَجْعِها مَخْمُورُ لحَمى البيتِ عندَ أكرم وادٍ غيرِ ذِي الزَّرعِ وهو روضٌ نضيرُ للقداساتِ في ذُرَى مَهْبط الفرقانِ للخيرِ وهو فيضٌ وَفيرُ * * تَرْشُف النفسُ عذْبَه وهو أَشهَى من عِذابِ المنى جَلاَها السرورُ في النجومِ التي تَدَلَّتُ مصابيحَ، وللغابرِ الوضِيءِ تُشِيرُ في الرحابِ التي بها هَمس الصخر وعن سالفٍ بِمَجْدٍ يُنيرُ في الروابي التي بها فاضتِ الآياتُ بَارَى النظيمُ فيها النثيرُ في الجبالِ الدَّكْناءِ تربِضْ في الخيْف، ومن بينها يلوح ثَبيرُ يلثُمُ الشمسَ كلما لاح منها مطلعٌ مُشرقٌ، وصبحٌ مُنيرُ فَيرينا الضياءُ شيئاً من الماضي أُزِيحَتْ للعينِ عنه السُّتُورُ ولواءُ الأمجادِ يخطر خَفَّاقاً، ووجهُ الحياةِ ضَاحٍ زَهِيرُ أبداً تَبْسمُ الأماني حَوَالَيْه، ومنها في كلِّ جيلٍ عبيرُ في الدروبِ التي بها سارتِ الراياتُ والهُدى للسُّرَى دُسْتُورُ في الصَّحَارَى التي بها زَحَفَ الدينُ وَضَوَّى بنُورِه الدّيْجُورُ في الرمال التي بها هتفَ النصرُ يباريه جَحْفَلٌ مَنْصُورُ في المجالات كلها تنشر النور، ومجلى الضياء فيها البشير * * الأمينْ الأَمينُ قد ضَمَّه اليتمُ صغيراً فَبرَّ وهُوَ كَبير باليتامى وبالمساكين يَأْسُو من جراحاتِ بُؤْسهمْ ويجيرُ اليتمُ الراعي الشِّياه أَجيراً في صباه، وهْو البشيرُ النذيرُ والشعاعُ الوضئُ منه منارٌ وبلأْلآئِه النُّهى تَسْتَنِيرُ سيدٌ مصطَفى إذا قيل عنهُ: أكرمُ الخلق فهو مولىً جَدِيرُ إجْتَبَاه الذي بَرَاهُ وزَكَّاهُ، فطابَتْ فروعُه والجذورُ وَحَبَاه لا صولجَاناً به يزهو، ولا ما بِه عَتِياً يَجُورُ بل جلاهُ لكل عينٍ ضياءً من أَفانِينِه يَعُبُّ البصيرُ وهُدَاهُ لكل قلبٍ مزامير، وفي رجعها الطروبِ الحبورُ أحمدٌ أو محمدٌ أو أمينٌ هِيَ أسماءُ للجلالِ تُشِيرُ مُفْردٌ في كمالِهِ إنْ أَرَدُنا دقَّةَ الوصفِ عَاقَنا التقصيرُ قد تسامى به الخليلُ انتساباً وبواديه لا تَزَالُ البذورُ * * خيرُ وادٍ به القداسةُ تَخْتَالُ، وفي العُدْوَتَينْ نُوْرٌ ونُورُ وهو مَهْوَى النفوسِ يهفو إليهِ كلُّ قلبٍ برحبِه يستجيرُ كلما هَاجَه أدِّكارُ الخطيئاتِ ونادى محا الخطايا الغفورُ وإلى قُدْسِه تُقَاد الضحايَا وإِلى رَحْبِهِ تُساقُ النذورُ والمحاريبُ في حماه ظِلالٌ والقداساتُ في مَداها زُهورُ والتسابيحُ بالمهابةِ شدوٌ والبشاشاتُ في صَدَاها عُطورُ * * ورؤَى الأمسٍ في انطلاقِ المسافات عَذَارى يلفُّهُنَّ الحبورُ كلها تُسْمِعُ الليالي أَناشيدَ، ومن رجعها يَشِيعُ البكورُ والتباشيرُ من سناهُ مدى الدهرِ مصابيحُ مكرُماتٍ تُنيرُ بالهدى، والتقى، وبالخيرِ والرشدِ على ضوئها الحياةُ تَسيرُ بتعالِيمه التي شادتِ الأمجاد والدينُ حارسٌ وظهيرُ بالذي حَكَّمَ العدالةَ في الناس فآخى بها الغَنِيَّ الفقيرُ إِذْ أَنال الفقيرَ أسخى عَطاءٍ من كريم يجودُ وهو الشَّكُورُ فرضُ عينٍ ينالُ منه ثَواباً وزكاةٌ كفاؤُها التَّكْفير * * وعروسٌ تَميسُ في موكبِ الفتنةِ تشدو فَتَسْتَعِيدُ الدهورُ نَايُها لايَنِى يُغَرد في الكونِ، ورجعُ الصدى جمالٌ مُثيرُ وهو مازال في المرابِع يختالُ فُتُوناً به المجالى تَمُورُ * * سَرِّحِ الطَرف كيف شِئْتَ لدى البطحاءِ يرجعُ إليكَ وهو قريرُ فالصفاءُ الذي يصفِّق بالبشر جلالٌ يهتزُّ منه الشعورُ والضياءُ الذي يُغَرِّدُ في الأفقِ جمالٌ يَعُبُّ منه الضميرُ والروابي التي بها يَضْحَكُ النُّورُ فراديسُ والخمائلُ حُورُ والعروسُ التي تُدِيرُ لنا الصفوَ على حُبِّها فؤادِي أسِيرُ أسرتني على هواها القداساتُ وفي فيئها تَمِيسُ العُصُورُ وهي غنَّاءُ في مَفَاتِنِها نايٌ صدى لحنِه شَرابٌ طَهُورٌ من ينابيعَ بالقداسةِ تهمى ونَدَاها ـ مدى الزمانِ ـ غزِيرُ أين ذاك الندى؟ وتلك المجالات؟ ولا أين فالنوى مقدور * * يا عروسي التي بها هتفَ القلبُ، وغنَّى بها الفؤادُ الكسيرُ يا عروسَ المنى الطروبَ لمضنىً عاث فيه الشَّجا وعزَّ النصيرُ أَسْعفي مِزْهري بأندى الأغارِيد فقد ثَارَ في الحنايا الهجيرُ وذَريني أبثُّ في رَجْع لحني زفراتٍ لها بقلبِي هَديرُ فشظايا الفؤاد فوق جفونِي قطراتٌ من الدِّماءِ تَفُورُ لفَظَتْهَا خوالجٌ دكها الأينُ، ومن مُقْلتي لَظَاها مَطِيرُ كان يجري به الحنينُ دموعاً ثم أجراه بالدِّماء الحرورُ وندوبُ الجِراح في عمقِ إِحساسي عليها من المآقي نَظِيرُ فإذا بالأنين ينثرُ آهاتي عقوداً لها القوافي نُحورُ موطن القداسات
منبع الإشراق صداح المنى =يملأ الدنيا ضياء هاهنا والقداسات السخيات الهبات =منهل يجري بفيض البركات يعبر الأجيال من ماضي لآت =بالهدى فاض نميراً من هنا يغمر الدنيا جلالاً وسنا =وهو ينساب دفوقاً محسنا مهبط الفرقان يا خير الرحاب =أنت بالإشراق بسام الروابي والأماني البيض تهمى كالسحاب =بالهدى، بالحق يسري من هنا ينشر الخير حبوراً وهنا =من ربا للدين قامت موطنا زمر الرايات سارت للجهاد =وهي بالعرقان تدعو للرشاد حولها الأبطال من كل جواد =بالهدى بالعدل نادوا من هنا فارشفي يا نفس من نبع طهور =فاض بالإشعاع من سفح ثبير لم يزل يروي على كل الدهور =بالهدى كل البرايا من هنا |
بلخير
الشاعر : عبدالله بلخير ( شاعر من مكة )
(1)
لك (أم القرى) التحيات تتلى = للملبين فيك، والمحرمينا وعليك السلام من سور القر = آن في القارئين، والكاتبينا تتوالى القرون.. وهي على الأر = ض.. منار يهدى به المهتدونا أين منك المدائن الغرُّ في الدنـ = يا.. وأنت أمهن دنيا ودينا فلك المجد دونهن فلا يذ = كرون في المجد عندما تذكرينا كل يوم وليلة.. وزوايا الأر = ض يرنو فيها لك المؤمنونا تتلالا جباههم في المحاريـ = ـب.. صفوفا بالركع الساجدينا (2)
أم العواصم والمداين والقرى = لبيك، يا لبيك يا (أم القرى) لباك من صلى، وحج، ومن دعا = وسعى، وكبر خاشعاً، واستغفرا تتطاول القمم الشواهق في الذرى = كي ما ترى في أفق (مكتنا) (حِرا) عال علـى القمم المنيفـة حولـه = تزهو (السراة) به، عُلاً، وتكبرا يسمو الغمام له، يطوف بغاره = في الأفق، مستلماً ذراه، مزمجرا فتراه في السحب التي التفت به = مزملاً، بين الذرى، مدثرا وتكاد تسمع (سورة القلم) التي = نزلت عليه، تهز هامات الذرى شعت شموسها على آفاقها = فلكاً تلألأ بالنجوم ونوّرا شعت بـه (الفسطـاط) واتشحت بـه = حول (المقطم)، في (الكنانة) (أزهرا) وسمت (دمشـق) به ينوِّر أفقهـا = في (الشام) بـ (الأموي) يشق مُسفرا وتطاولت (بغداد) تلبس تاج (ها = رون الرشيد)، على البرية مزهرا مجد تعالى، لا يطال، تراه في الـ = أمصار، بين المسلمين، منثرا في (فاس) أو في (القيروان) وفي ذرى = (وهران) أو في (تلمسان) مصوّرا وعلى مطالع كل نجم زاهر = تحت السماء، مبوءاً ومصدَّرا (3)
إذا النوى طوحت بي (للحجون) بدت = لي (مكة) ذات أبعاد وأسفار وطالما قمت في (الماحي) مكبرة = خلفي صفوف تراويح وأذكار يؤمها (ابن ثمان) في عمامته = إذا تلا (الجزو) كان الحافظ القاري ولست أنسى دخول (الركب) صاخبة = جموعه فهو في سمعي وإبصاري إذا تعالى به صوت (الحدأة) زهت = ركائب (الركب) في زهو وإكبار تهتز منه شعاب (أم القرى) طرباً = في أمسيات من الذكرى وأسحار إذا سمعنا بشير الركب سال بنا = (لحارة الباب) سيل صاخب جار يهزنا صخب (البشرى) كأن بنا = مساً من السحر من قيثار سحار تكاد تسبقنا فيما نخب له = (أعلام جرول) من دوح وأشجار وتنتشي كـل (حوراء مطهرة) = ملء النوافذ في آفاق أقمار كأن في شرفات الدور لمع سنا = مجرة، من نجوم ذات أنوار فيهن من (عبد شمس) كل فاتنة = تطل من شرفات ذات أستار لهن في صهوات الخيل (أفئدة) = يزهو بها (الركب) من آل وأصهار يرمينهم (بفتات المسـك) عايـدة = شفاههن بذكر الحافظ الباري ويعبق (العود) فيها من (مباخره) = يضوع في الحي دار إلى دار مع (الزغاريد) أجراس النجوم إذا = تماوجت فهي من أصداء أوتار تهتز منها نياط القلب خافقة = ضلوعه كاهتزاز السلك من نار (4)
الذكريات أهاجتني وأنت بها = في (حارة الباب) من (أم القرى) الداري والذكريات عبير العمر يعبق في = أيامه، وليالي مده الجاري لي في (الشبيكة) عهد لا أزال به = صباً ففيه صباباتي وأخباري أضاء فجر حياتي في (أزقتها) = ولا يزال بها قلبي وآثاري في كل شبر تراب في (ملاعبها) = ذكرى ترفرف في سمعي وأنظاري لم تنسنيها روابي (النيل) وهي هنا = جناين الأرض من حور وأزهار بكل (حفنة رمل) من محصبها = لا أشتري (لندن) الغنا ولا (باري) درجت في (برحة المحجوب) أحسبها = دنيا الورى ذات أقطار وأمصار إذا النوى طوحت بي (للحجون) بدت = لي (مكة) ذات أبعاد وأسفار وطالما قمت في (الماحي) مكبرة = خلفي صفوف تراويح وأذكار يؤمها (ابن ثمان) فـي عمامتـه = إذا تلا (الجزو) كان الحافظ القاري الشاعر : إبراهيم علاف( شاعر من مكة ) (اخترتُ مكّةَ ... )
اخترتُ مكّةَ وارتضيتُ حماها = هي مولدي ,هي منشأي ,أهواها أكرم بها ,ولأرضها ,وسمائها = وبماء زمزم ناجعا غذاهـا وبما اصطفت من قبلة ميمونة = جذبت قلوباً حولها وجباها قد خاب إبرهةُ الغشوم فلم ينل = إلا هلاكاً حين رام أذاها كم طفت أرجو أن أكون حجابها = وقناعها وأعيشُ في ذكراها وإطارها الفضي يحضن قلبها = متجلياً قـــد باركَ الأفواها هي حبة في قلب مكة حفـها = فضل الإلهِ وبالجلال كساها والناس وفدٌ تلو وفدٍ حولها = من كل فج يسألون الله بطحاء مكة كل شبر باسم = بالنور منك وفــي العطاء تناهى قد زاده ميلاد أحمد رفعـةً = وعلى حراءٍ قد تكلل جاها الشاعر : الشاعر أحمد موصلي (مكة البلد الأمين والحصن الحصين )
سطع النور والهدى في رباها =وتجلى وحي السما في حماها نفحات قدسية قد تسامت =وسرت في القلوب تروي صداها تلك أمُّ القرى مرابع مجدٍ =هي مهد الإسلام موطن طه هي للدين منهل طاب وردا =هي للعلم منبع قد تناهى شع منها التوحيد في خير نهج =رفع الله قدرها وحماها وبها أقسم الإله بحق =بارك الله أرضها وسماها أم صبح فيها الأمان تبدى =طبتُ نفساً بها وطاب شذاها أشرقت شمس أحمد في بهاء =وازدهى الكون حين جل ذراها مولد كان للهداية أصلا =رحمة الله ربنا أسْداها فهو للعالمين هادي البرايا =وهو للدهر غرة لا تضاهى حبه في القلوب حب عميق =من يحب الرسول حب الإلها إنه المصطفى عليه صلاة =وسلام تحية يرضاها يا ربوعاً تعطّرت واستنارت =ودياراً تقدست أرجاها مكة بكة جليلة قدر =صانها الله فاستمدت علاها قد قضيت الشباب غضاً ربيعاً =في معانيك حامداً نعماها وتضلعت سلسبيلاً نميرا =من صفا زمزم وحلو غذاها وقصدت الإله حجاً وسعياً =لأنَال الثوابَ مِن مولاها ذاك والله خيرُ ما نرتجيه =وهو فضل الإله عزاً وجاها مكة في بطاحها الرحبة نمضي =يطمئن الفؤاد من ذكراها وحِراء وَمَا حِراؤك إلاّ =مهبط الوحي قد أضاء رباهَا فيه جبريل قد تبارك قولاً =هو طب القلوب وهو شفاها إنّه الروح والأمين عَليْه =هبَة الله زانها واصطفاها كان فيها مع الكرام لقاء =في ذرى البيت والرضى يغشاها محفل ضم نخبة من خيار =فتية آمنوا فنالوا هداها يا رعى الله هجرة لديَار =عز فيها الأنصار حين احتواها طلع البَدر من ثنايَا وداع =فأضاء الدنى وجلى رجاها وتآخى فيها رفاق وصحب =عاهدوا الله أن يكونوا فداها إنها طيبة الحبيبَة دوماً =طيّبَ اللهُ رَبعها وثراها يا إلهي ضَراعتي ودعائي =أن يكون الختام في مَثواها غافر الذنب قابل التوب عفواً =يا سميع الدعاء عظمت إلاها |
الغزاوي
الشاعر أحمد بن إبراهيم الغزاوي ( شاعر من مكة) شمس الصباح بمكة
نظرتُ إليها والعتامُ يحوطُهَا = وقد حجَبَ (الأَحداقَ) منها شُعاعَها فما خلتُها والصبحُ فيها فما انجلى = سوى أنها في (التَّمِّ بدرٌ) أشاعَها هي الشمسُ والأقمارُ منها ولائدٌ = فكيف بها؟ منها تغشَّتْ قِناعَها لشن هي يوماً بالغَمام تلفَّعتْ = فيا طالمَا في الصَّحو مُدتْ شرِاعُها كذلك شأنُ الناسِ تَبدو صِفاتُهم = وتَخفى ويَستوحي (الذكاءُ) طِباعَها (جواهرُ) يَعلوها الصدى فيُحيلُها = إلى (عَرَضٍ) مهما اعتراها أضَاعها وما النفسُ إلا كائنٌ في (مُحيطِهِ) = عوالمُ شتى وهي تَبغي انتزاعَها وما إن لها في الأرضِ إلا اهتداؤها = إلى (اللَّهِ) والدنيا تزيع متاعَها وما أحسَبُ الأعمارَ إلا وسيلةً = إلى (الخيرِ) مهما استقبلتْه أطاعَها إنَّها الشمسُ
زمت الأرضُ - والتقت "بهداها" = بينَ "بطحاءَ مكةَ".. ورباها! واستهلتْ بها (الفجاج).. وعجت = (بالملبينَ). شاقهم أخشباها؟! رحبتْ بالوفود من كل صقْعٍ = وأفاضتْ بسعيهم "مروتاها"؟! وكأن الآفاقَ راحةُ كفٍ = وهي منها "اليدانِ" بل يمناها؟! جعل الله "بيتَه" - للبرايا = "حرماً آمناً" بها وحماها! أنها (الأمنُ والمثابةُ) - حقاً = نص آيات ربنا - لا تضاهى! (مهبطُ الوحي) لم يزِلْ يتنادى = "بالمثاني"، قد فصلت و"حراها"؟! "قبلةُ المسلمين" - شرقاً وغرباً = شادها ربُّهم لهم - وارتضاها! "مأرِزُ الدين" يهرعونَ إليه = منذ لبى - "خليله".. وبناها كل فرض.. يُقام.. بل كُلُّ نفلٍ = هو "تلقاءها" ينص، جباها؟! لم يدْنس أديمها الرجس يوماً = بعد أن طهرت.. وطاب ثراها؟! هي للركعِ السجود.. وما هم = غير من.. أخلصوا.. وكانوا فداها؟! |
إبراهيم فودة
الشاعر : إبراهيم أمين فودة ( شاعر من مكة) قصة النور
اسمعوا. اسمعوا. فهذا حراء = يتهادى - مهلِّلاً - يتكلم!! إن فيه "النبي" يستقبل الوحي = و "جبريل" بالهدى يترنّم وعلى الأرض للسماء لقاء = هو للأرض في السموات سُلَّم غَطَّةٌ ثم غَطَّةٌ يلتقي الروحان = فيها، والنور بالنور مُفْعَم و "حراء" في قمّة الأرض تيّاه = علاء - وتحت "أحمد" أسلم وسرى النور سابحاً في الدياجي = يولج الليل في النهار، ويقحم و "حراء" منارة يسطع الإشعاع = منها، والشمسُ و "الغار" توأم واستنار الوجود، وانجابت الظلمة = والليل بالضياء تَبرّم!! ومشى "موكب الرسالة" ينداح = نشيداً إلى الحياة الأقوم فاسمعوا. اسمعوا. فهذا "حراء" = يتهادى - مهلّلاً - يتكلم اسمعوه. ذكرى تَردَّد في الكون = صداها في كل جيل ومَعْلَم غير أن الذكرى على مشهد الأبصار = حسٌّ أسمى، وصوت مُضَخّم اسمعوه مُردِّداً "قصة النور" = تغشّى قلب النبي الملهم اسمعوه! .. يقول في غير زهو = كيف يزهو من كان للعلم منجم؟! ها هنا كان للسماء التقاء = برسول به الرسالات تختم أمر الله مصطفاه "أن اقرأ" = وبها بدء وحيه حين علّم أنا رمز لها بكل فؤاد = كَرَّم الله شأنَه فتعلم أنا رمز لها بكل لسان = هذبته بلاغة فتسنّم أنا رَمْزٌ لها على كل كف = خط في الطرس باليراع ونمنم أنا رمز لها رؤى كل عين = أبصرت نور ربها غير مبهم يا بَنيّ الكرام، في منهل النور = "أبو النور" قد أطلّ وسَلّم بارك الله جمعكم في حمى "البيت" = ونلتم من فضله كل مغنم أنا، و "البيت" و "المشاعر" ترنو = ولقد طال ما تنظرت ملجم كلنا أعين تَبُصّ، وأفواه = دعاء، وحب قلب مغرم بشرونا بالعلم مطلع يوم = سرمدي السناء لا يَتَلَعْثَم فَجِّروا شمسه: شعاعاً على الأرض = منيراً، مُشَتِّتا كلَّ أعَتم فجروا شمسه: ضياء على الكون = شفاء لكل أعمى وأبكم فجروا شمسه: لهيباً على الشر = يصوغ الحياة خيراً مجسم فجروا شمسه: خيوط معان = تبذر الحب في القلوب فتنعم ما شقاء الأحياء في كل جيل = غير حصد الأحقاد أسوأ مغرم فجروا شمسه: "طيور أبابيل" = تدك العدوان أيان خيّم فجروا شمسه: دروعاً وألغاماً = تصون الأقداس من كل مأثم إننا نسمع الأنين من القدس = فيندى له الجبين، ويندم أنا، "والبيت" ، "والمشاعر" نرنو = ولقد طال ما تنظرت ملجم غير أن الآمال - وهي بصيص = أيقظت جاثم المنى فتكلم يا أبا النور! .. مرحباً، قد أفقنا = ومشينا على الخطى نترسم إن تعظنا - وطبت واعظ صدق = فعظات الأيام قد كن ألم أثخنتنا الأحداث - وهي جراح = غير أن الإيمان كان البلسم أو يطل ليلنا فقد أشرق الصبح = مضيئاً على الربى، وتَبَسّم وابتدأنا بداية الوحي في الأرض = "أن اقرأ" نتلو الكتاب لنعلم واقتبسنا هدي النبي مضاء = قهر الخصم في النضال وأفحم فترانا في ساحة العلم والنور = وفوداً تترى، وحشداً عرمرم قد حملنا الأقلام، والحق، والعزم = سلاحاً به السلاح تحَطَّم وحملنا السلاح رداً على البغي = سلاحاً مُعَلَّماً غير أغشم وسنمضي على الطريق جنوداً = في سنا الحق والهدى نتقدم هو وعد الإيمان في مأرز الإيمان = حق في المؤمنين مَحَتَّم علم الله أننا نعشق الحق = وأنا عبيره نَتَنَسَّم ولنا النصر، ما استجابت إلى الله = نفوس، فالله بالوعد ألزم يا "بناة الأجيال" !. ما أكرم العبء = حملتم: إرث النبي الأكرم أن تكونوا صنيع أمس بما فيه = فأنتم صُنّاع ما نتوسم كلّل الله سعيكم برضاه = وسقى غرسكم هداه وألهم ورعى "معهداً" يشعشع بالنور = غذاء الأجيال؟ أروى وقوّم يا "رجال البيان" في أمة الفرقان = هذا أوان أن نَتَفَهّم شارة الانطلاق من كل قيد = غير حرز الأخلاق والدين أعصم قد فعلتم ما كان في قدرة الأمس = وتدعون للعطاء الأدسم واستجابت لنا الحياة وكنا = مثل هذا النهار، لا نتوهّم فلتكونوا "أعنّة الفكر" يرتاد = رشيداً" فلا يضلّ، ويُهُزمَ ولتكونوا "رسل الحقيقة والحق" = تذودون عن حياض ومَحُرمَ ولتكونوا "لسن الهداية والخير" = فعنكم إلى القلوب تترجم ولتكونوا "صوت الفضيلة" ينساب = رقيقاً إذا أبان وغمغم قد فعلتم ما كان في قدرة الأمس = وتدعون للعطاء الأدسم وفّق الله راعياً: يزرع الخير = ويبني بالحب شعباً يُعَظّم ورعى الله حاكماً: حَكّم العدل = وسَاس الأمور رِفقاً ونَظّم ورعى الله رائداً: أبصر النهج = قويماً: فما ونى، أو أحجم ورعى الله قائداً: يصنع النصر = ويعطي للنصر جيشاً مُعَلَّم بارك الله أمة العرب والإسلام = أهدى لها الفخار، وأنعم بارك الله أمة جَمّع الظُلْمُ = على الحق شملها: فتلملم بارك الله "موكباً" يعبر التاريخَ = جسراً ما بين آت، وأقدم نظر الله، والنبي إليه = فإذا العز والفلاح المَغْنَم الخيرُ في مَكة
افعل لمكة شيئاً = تشكر عليه وتُؤُجَر فالمرء حيّاً ومَيْتا = بفعله سوف يذكر والخير في كل أرض = بالطيّبات يُسطّر لكنه في رباها = أبقى وأزكى وأكبر والجود ليس نقوداً = فحسب بل هو أكثر والجود بالنفس أسمى = معنى العطاء وأطهر والمال للروح نِدٌّ = عند الثرى يُقَدّر لأنه جهد عمر= أفناه فيه ووفر لكنه ليس شيئاً = إلا إذا هو أثمر كذلك العلم يزكو = بأهله حين ينشر فباذل من نهاه = أو باذل المال يشكر كلاهما يبذر الخير = - وهذا بذا يُؤَزر |
مصطفى زقزوق
الشاعر : مصطفى زقزوق ( شاعر من مكة)
حرمة البيت العتيق
قف بالطوافِ على الخطيئة نادما = واخضع لربك خاشعاً مستسلما وأمام هذا البيتِ كنْ متأدبا = تجد العنايةَ والسلامـةَ مغنمـا واشرب دواء الداءِ ماءً شافيـاً = ما زالَ زمزمُ للمواجعِ بلسما من جاءَ مكةَ خشيـةً ومهابـةً = ويلحُّ في طلبِ الرضا مسترحما فالله ذو فضلٍ وصاحبُ مِنَّةٍ = سبحانهُ يُعطي ويَعفو دائمـا فمن اتقاهُ وخـاضَ في آلائِـه = عاشَ الحياة مُكرّماً ومُنعّمـا ولكلِّ معتصمٍ به فـي رحمـةٍ = ويفوزُ بالحُسنى لهُ من أسلمـا ثم الصلاةُ علـى النبـي وآلـهِ = تِعدادِ من صلى عليه وسلمـا أمُ القرَى
هو الحبُّ من "أمِّ القرى" = تطوف به الأنسام حيناً وتنشدُ وتَشْهد أن اللّه لا ربَّ غيره = على منكريه. والرسولُ محمّدُ أقام بأمر الله نهجاً وشرعةً = محجَّته البيضاءً تصفو وترشدُ لكَمْ دكَّ أنفَ الكبرياءِ بسيفِه = فلا الشركُ منصوباً ولا اللاتُ تُعبدُ وحين ارتقى السبعَ الطباقَ تحفُّهُ = ملائكُ من نور. وقلبٌ موحِّدُ رأى ما رأى من آيةٍ قدسيةٍ = فما زاغ منه الطرف والله يشهدُ فأرسله فينا نذيراً وهادياً = بلى أنه فينا رسولٌ وسيِّدُ وأحمد فينا طيبٌ من سلالَةٍ = لها في قديمِ المجْد فضلٌ وسؤددُ شهدنا وما زلنا بنفس قريرةٍ = نرى الدِين حقاً والظلام يُبَدَّدُ يطوف على أرجائنا كل وافدٍ = وكل الذي يرجو النِجادة يُنْجَدُ أقمنا بهذا البيت ما بين عابدٍ = وآخر بالذكر المجيدِ يُردِّدُ وللقربِ أسبابٌ نعبُّ معينها = كؤوساً من التقوى وشهداً يُبرَّدُ تسبِّح للّه القلوبُ وإنَّها = لها عند باب اللّه حظٌّ وموعدُ نفوز من البيت الحرام برحمةٍ = فَمنْ غيرنا يحظى بهذا ويَسعدُ هنيئاً وهذا الحب نبعُ صفائنا = فطوبى لأهل الأرض شِربٌ وموردُ وأيامنا خيرٌ وأمنٌ لخائفٍ = فلا الجوع يلقانا ولا الشر يُحشدُ فلا ظلمَ بعد اليوم ما دامَ بيننا = وفينا كتاب اللّه بالعدل يُقصدُ محاذرةً فالموت ومضةُ بارقٍ = إذا هان بين الناس والموت يَحصدُ هنالك تُجزى كل نفس حسابَها = فإمَّا نعيمٌ أو عذابٌ مُؤكَّدُ لكل مسيءٍ بيننا من نهايةٍ = يوسِّدُه العفو الجميل المؤبدُ فيارب لا تهتكْ لنا ستَر عورةٍ = فإنا لهذا الكشف لا نَتجَلَّدُ وهيِّءْ لنا بالعفو منكَ عنايةً = فحاشا لأبواب العناية تُوصدُ ويا رب فاغفر ما يكون وحسبنا = رضاك. فإنا لا نُرد ونُطرَدُ وأهلاً بأهل الفقه ما طاف وافدٌ = وما لاذ بالبيت المحرم سُجّدُ فيجمعنا ربي بأفياء جنةٍ = ونفرح بالحسنى ومجدٍ يُخَلَّدُ فتنشر فينا الحورُ إحسان منعمٍ = كأني به درٌّ ومسكٌ وعَسْجدُ يذود الكرى هذا المقام وإنَّها = نسائمُ تسعى للأنام وتُوفدُ وأول ما نهدي صلاةً ودعوةً = مباركةً مدرارها يتجددُ وآخر دعوانا أن الحمد، ربنا = تقبَّلَ مِنَّا ما يليقُ ويُحمدُ |
القرشي
الأديب : حسن عبدالله القرشي (1)
تفتق عن راحتيها الصباح = وشعشع في شفتيها القمرْ وأزهت بها الشمس فوق البطاح = وجن بها الليل حلو الصور وفيها انجلى الحق للعالمين = وفاض الضياء بها وانتشر بها كعبة الله طافت بها = قلوب تحن وأزهت عصر أيا جبل النور كم ذا شهدت = من المعجزات وكم ذا ظهر تحدث ففي الغار شع اليقين = وقد تنطق الذكريات الحجر أيا قمة فوق هام الخلود = سمت بسناها الشذي العطر إذا ما ارتقيت إليك انطوى = بحسي الزمان وكل البصر وخففت وطئي أن يستقر = أما سار فيك نبي البشر وكم تعبد ثبت الجنان = يزين محياه أسمى أثر إلى أن طل على الكائنات = كإطلالة الفجر بعد السحر أطل وفي بردتيه الضياء = ونبع من الحق عذب السور (2)
أيُّ فجرٍ مُرقرق في شعوري = أي ُّ عطر مرفرف في ضميري؟ أي هدي ترعى صداه السماوا ت = شفاء لظامىء مستجير؟ أي ذكرى شعت هنا لرسول الله = دفاقة الشذا والحبور؟ إنها راية الإله تجلت = هي بشرى هزت جنان العصور في يديها النعيم للمؤمن البر = وللجاحدين أعتى سعير! شاقني والسنا يخضل جفني = وفي القلوب خشية للقدير وبروحي روافد الأمل الضاحي = وروحي هيمانة بالعبير شاقني موكب الجلال تبدَّى = في ظلال التهليل والتكبير برحاب البيت المقدس خفت = هتفات إلى العلي الكبير كلهم لاجىء إليه شريد = أرقته لوافح التفكير أي وحي يفيض ملء مرائيه = فيجلو غشاوة للضرير سلوة المخبتين روح المحبين = نشيد المعذب المقهور نفحات أيان منها خيال = عبقري لشاعر مسحور؟ طفت مالي إلى سواك سبيل = ربِّ فاقبل نجوى فؤادي الكسير أنا يارب حائر الخطو عان = أتراءى لديك خير مصير ربِّ فاملأ بنور حبك قلبي = أرتشف كوثر الصفاء النضير |
ناصر بن مسفر الزهراني - محمد القطبة
ناصر بن مسفر الزهراني
من قلب مكة فاض الطهر للأممِ = وأشرق النور يجلو حالك الظلمِ من قلبها أنهر الإيمان زاكية = تروي بسلسالها الرقراق كل ظمي من أرضها كل أرض تكتسي حللاً = من الفضائل والأخلاق والشيم ومن رباها تغنى الكون من طرب = بأحمد خير خلق الله كلهم جبالها الشامخات الوحي عانقها = فأزهرت بثمار العلم والحكم من غارها مرت الدنيا بأكملها = بلحظة كان منها مولد القيم بلحظة ما مضى في الكون مذ خلقت = أجزاؤه مثلها في الفضل والعظم (اقرأ) تعطر سمع الكون أحرفها = (اقرأ) ومن علم الإنسان بالقلم محمد القطبة
«أمَّ القرى» أشعل الأشواقَ داعيها=ونازعتني شجونٌ كنتُ أُخفيها أثار ذكرُكِ في نفسي كوامنَها=فطاف فكري على الأيام يُحييها وأيقظ الشعرُ أشجاني فأشعلها=ولم أجدْ لي مفرّاً من قوافيها إني تذكّرتُ في بطحائها زمناً = كنّا به سادةَ الدنيا وحاميها بالدين والعلم أنشأنا حضارتَنا=وبالعقيدة أرسينا رواسيها فامتدّ نورُ الهدى بالخير ينشرهُ = على البسيطة قاصيها ودانيها سلوا الحضارةَ مَنْ أربابُ نهضتها؟ = ومن أزال ظلاماً سادراً فيها؟ أقولها والأسى والنار في كبدي = كنا أساتذة بالعلم نحييها |
محمد إسماعيل جوهرجي
محمد إسماعيل جوهرجي ( شاعر من مكة)
مَكَّتِي وَشَلاَّلُ الضِّيَاءِ
قُمْ حَيِّ ((مكّةَ)) وارْسُم نَاعِمَ الكَلِمِ = يا أيُّها الشّاعرُ الغرِّيدُ في الحَرَمِ حَيِّ الأُباةَ سُراةَ القومِ مُجْتلياً = مَعازِفَ الشَّوْقِ بالأَشْعارِ والنَّغَمِ مِن أَرضِ ((مكّة)) شَعّ النّورُ مُؤْتلقاً = وَجْهاً يُجَلِّي عَتَامَ اللّيلِ والسُّدُمِ هَذا ((حِراءٌ)) على مَرْأى يُطالِعُنا = ِنْديلَ ضَوْءٍ يَفيضُ النُّورَ للأُمَمِ قدْ خصَّهُ ((اللَّه)) بالتّنزيلِ فَانْقَشَعَتْ = سُودُ الغَمَائِمِ في الأَمْصارِ والتُّخُمِ وجَاءَ ((جِبْريلُ)) بِالآيات مُعْجِزةً = اقْرَأْ ((مُحمّدُ)) قولَ الحقِّ واستَلِمِ فَراحَ يَرْكُضُ في خَوفٍ وَمَوجِلَةٍ = لما تَغَشَّاهُ مِنْ نُورٍ وَمِنْ عِظَمِ قالت ((خَديجةُ)) هلْ تَخْشَى مُجانَفَةً؟ = وَأنْتَ في النّاس تُقري الضَّيفَ من عَدَمِ؟ وَأنْتَ في النّاس أخلاقٌ مُطهَّرةٌ = وَصوْتُ عَدْلٍ.. وبَيْتٌ فارعُ الشَّمَمِ جاءتْ لـ ((وَرْقَةَ)) تحْكي أَمْرهُ عَجَباً = فقالَ.. لا ضيْرَ يا بْنَ السّادةِ الشُّهُمِ هذا هُو الحقُّ قدْ بانَتْ دلائلُهُ = فاسْتَلْهِمِ النُّورَ في رِفْقٍ وفي حَمَمِ يا ليت أنِّي أعيشُ العُمْرَ أطْوَلَهُ = حتى أرى النُّورَ شَفَّافاً على الأُطُمِ قدْ جاءَ ذِكْرُكَ في التَّوْراةِ مُسْتَبِقاً = يحكي بأنّكَ نُورُ الحقِّ في الظُّلَمِ مِنْ ((مَهْبِط الوَحي)) فاضَ النُّورُ مُنْتَشراً = يَهْدي الخَلائقَ مِنْ عُرْبٍ وَمِنْ عَجَمِ قوْمي هُمُو الصِّيدُ أهلُ العِلْمِ مَعرِفةً = والنُّبْلِ والرُّشْدِ والإِدْراكِ والفَهَمِ كانُوا هُداةً إلى التّوحيدِ سَعْيُهُمو = شَدُّوا الرَّكائِبَ لا يخْشَوْنَ مِنْ عَتَمِ اسْتَنْهَضُوا الدِّينَ في أعماقِهِمْ وَهَجَاً = فكانَ كالنُّورِ يَهديهِم وكَالعَلَمِ جازوا إلى ((الصِّين)) والإيمانُ مِشْعلُهُم = يَدْعون للحَقِّ والأَخْلاَقِ والكَرَمِ ما كانَ يَنْشُدُ أَهْلي هَتْكَ مَحْرَمةٍ = أَوْ يَلحقُون مُفِرَّاً واهِيَ القَدَمِ شَدُّوا الوِثَاقَ على عَزْمٍ يُوحِّدهم = فكان ما كان مِن فَتحٍ.. ومِن عِظَمِ كم هذَّبوا النَّاسَ بِالأَخْلاَقِ يحفزُهُم = نورٌ مِنَ الدِّين في الأجنَابِ والهِمَمِ وكان فيهم ((رسولُ اللَّهِ)) سيِّدُنَا = يدعو إلى الحَقِّ في صَبْرٍ وفي وَأَمِ أسْرى به ((اللَّهُ)) ليلاً والدُّجَى أَلَقٌ = فباتَ يَعْرُجُ للأسْمَى.. مِن القِمَمِ ((بالرُّسْلِ)) صَلَّى إماماً وهو سيِّدُهُمْ = فجاء ذلك إخذَاءً.. لِمُغْتَمِمِ يا سيِّدَ الخَلقِ مَالي ما أُنَمِّقُهُ = مِن البَيَان سِوَى شعري ومُنتظِمي لا يبلغُ الشّعرُ مهما كان قائلُهُ = مدحَ ((النَّبيِّ)) ولو فيضاً من الدِّيَمِ كم بتَّ تدعو إلى التّوحيد مُحتسباً = وتَرْكِ ما كانَ من سَقْطٍ ومِن لَمَمِ بلغْتَ يا سيِّدي المعْصومَ منزِلةً = لم يرْقَ فيها أُولُوا عزمٍ مِن الأُمَمِ أوْحى لكَ ((اللَّهُ)) أن بلِّغ رسالَتهُ = فجِئتَ بالحقِّ والتّشريع والحِكَمِ كم خَصَّكَ ((اللَّهُ)) بالإعْجَازِ فانفجرت = بينَ الأصابع عَيْنٌ عَذْبَةُ الطُّعَمِ أَسْقَيْتَ صَحْبَكَ والأَنْظارُ شاخصةٌ = تستَلهِمُ النُّورَ بالإحْساسِ كالحُلُمِ وفي ((حُنينٍ)) يجيء ((الرُّوحُ)) يسْأَلُهُ = هَلْ أسْحقُ القومَ بالأجْبالِ في التُّهمِ؟ فكُنتَ بالرِّفْقِ تدعو رُغم ما جَهلوا = رَبّاهُ.. هَدْياً فإنّ القومَ في صَمَمِ أَنِرْ ((إلهي)) طريقَ الرُّشْد مُغْتَفِراً = فأَنتَ أكْرَمُ مَن يُرْجى.. لمُعْتصِمِ حمَلْتَ للنّاسِ دينَ ((اللَّهِ)) مُؤْتَزِراً = بالصَّبْرِ واللِّينِ والأخلاقِ والكرمِ وَكُنتَ في الرُّسْل آخرَ من يُبلِّغُنَا = رِسالةَ الدِّينِ في بِرٍّ كمُخْتَتِمِ اخْتاركَ ((اللَّهُ)) للتّوحيدِ تحْمِلُهُ = وللهِداية إكْليلاً.. مِنَ النُّجُمِ أَفْضَيْتَ للنَّاسِ أنّ ((اللَّهَ)) خالِقُهُم = وليسَ في الحقِّ ما يدعو إلى البَرَمِ ((فاللَّهُ)) حقٌّ ((إلهٌ)) ليس يُعجِزُهُ = كُثْرُ السُّؤال لمنْ يرجوهُ ـ في عَشَمِ وليس بالعقْل نُحْصي أَمْرَهُ دَرَكاً = فالعقْلُ في النّفْس محدودٌ على نُظُمِ لكنّما النُّورُ في الأعْماق يُبْصِرُهُ = جَلَّتْ له الذَاتُ عن وصفٍ وعن زَعَمِ وَيَومَ ((بَدْرٍ)) دعَوْتَ اللَّهَ مُرتَجِياً = نَصراً إلى الدِّينِ لا نصراً لمُغْتَنَمِ فأَزَرَتْكَ جُنُود ((اللَّهِ)) مُرْسَلَةً = تَرمي بِسَهْمِكَ بُرْكاناً مِنَ الحُمَمِ حَسْبُ المَلائِكِ أَنْ هَبَّتْ مُناصِرَةً = بأَمْرِ ربِّكَ زِلزالاً.. مِنَ الضَّرَمِ فكانَ نَصْرٌ على الكفَّارِ مَبْعَثُهُ = صِدقُ العزيمةِ والإِيفَاءِ للذِّمَمِ فتحت ((مكّة)) تُنجي الدِّينَ من سَفَهٍ = قد عَمَّ بالجهلِ والعُبَّادِ لِلصَّنَمِ دخلْتها الصُّبْحَ بالتكْبيرِ مُبْتَدِئاً = فأستشْعرَ القومُ آيَ الحُبِّ والرَّأَمِ فكنتَ أهلاً لما أُعْطيتَ من شَرَفٍ = تُعامِلُ الناسَ في برٍّ وفي رَحِمِ أزْكَى الصّلاة على ((طه)) مُشَفِّعِنا = والصَّحْبِ والآل.. ما قامتْ على الأَكَمِ بِيضُ الحَمَائِمِ يَشْدو صوتُها غَرِداً = يفْتَرُّ بالشُّكْرِ والتَّسبيحِ في نَهَمِ إليكِ يا ((مكَّتي)) والشّوقُ يُلْهِبُني = بين الجَوانِحِ جيّاشاً مِن النَظَمِ أهدي السّلامَ لأرضٍ طابَ مَسكَنُها = بالأمْنِ بالحُبِّ بالخيراتِ بالنِّعَمِ مَن ذا يلومُ مُحبَّاً جاء يَنْشُدُها = وَمنْ يلومُ مُشعًّا بالهوى العَرِمِ يستَنْطقُ البَوْحَ في أعماقِهِ وَلِهاً = ويرْسُمُ الشّعْرَ ألواناً على الأَدَمِ يسْتَمْسكُ البابَ والأسْتَارَ في أمَلٍ = أن يَقْبَلَ ((اللَّه)) تَوْبَ العائِدِ النَّدِمِ فـ ((اللَّهُ)) فردٌ ـ إلهُ ـ العرش نَطْلُبُهُ = لما نُحِسُّ من الإحْباطِ.. والأَلَمِ يا غافِرَ الذَّنْبِ إن النّفسَ مُثْقلةٌ = بما تُواريهِ مِن سَفٍّ ومن كَظَمِ فكُن وِجَائي ليومٍ بَاتَ يَنْظُرُني = فأَنْتَ أكرَمُ مَن يُرْجَى لِمُنْسَقِمِ واغْفِرْ ((إلهي)) ذُنُوبي إنَّني طَمِعٌ = لفيضِ جودِكِ بِالإِصفاحِ عن لَممِي وامْنُنْ على الخلقِ يا ربَّاهُ مغفرةً = من فيضِكِ الثّرِّ تمْحُ زَلَّةَ القَدَمِ |
جاسم عساكر
الشاعر : جاسم محمد عساكر
يامكة الشرف المعظم
سعياً قصدتك للهداية مصدرا = تحدو بي الآمال يا أم القرى وشددت حبلاً من حبال عقيدتي = حولي، لأغدو بالكمال مخصرا يتشوق الإيمان بين جوانحى = عزماً يرمم ما تفصم من عرى ووطأت تربك فاستحلت بأكملي = قلباً من الهدي الرشيد مجوهرا وقبضت من أثر الرسول بشارتي = لما أتى نحو الأنام مبشرا أقفو خطى (جبريل) تزهو مثلم = عقد من الشهب الوضاء تنثرا تذكو بي الأشواق مثل مولع = وطأ المشتاق فانتبه الثرى وكشفت علماً من علوم محمد = لما تفايض بالشمائل أنهرا حيث الرسالة وفي أقدس منبع = من كفه فوق الضلالة قد جرى فتفتقت صم الجبال سنابل = من رحمة لما رواه تفجرا وتورد الإسلام في أكمامه = خضل السماح شذى يرفرف مزهرا شبت جوارحه فأصبح يافع = يكسو ملامحه الرشاد فيكبرا والجاهلية في مراتع غيه = ولت تجر ضلالها المتجبرا وعلى شموخ المؤمنين ونصرهم = نزل الكتاب: مسهلا وميسرا فإذا الحياة قصيدة نبوية = الشطرين كان شعارها لن أقهرا يا مكة المجد الرفيع وقلع الاحرار = نالوا في هواك المفخرا وتجرعوا كأس العذاب فأدركوا = خلف العذاب من الحلاوة سكرا دكوا القيود على صخور عزيمة = من روحهم حتى احتووك تحررا أو تذكرين الحج يوم تدافعت = زمر الخلائق في فنائك محشرا ما كان ضاق بك المكان كأنما = كانت حدودك من حدودك أكبرا وأنا على طرق المقام تجردت = روحي لتسبح في الخيال تفكرا في أي (ألبوم) الطيوف سألتقي = بك كوكباً في ناظري مصورا وأطوف حول مشاعري متيمنا = بالطهر فيك: مهللاً ومكبرا وعلى فمي الأشعار تنسج محفل = مما أتوق: موشحاً ومشطرا تجري على الورق الصقيل فدفتر = شوقاً يزاحم في الصبابة دفترا وهنا أشدت من القصيد منارة = وأضفت فيك إلى المشاعر مشعرا وأفقت أدعك ناظرى في صحوة = تأبي لوجه صباحها أن يسترا ورجعت بالذكرى لسالف أعصرٍ = حتى أسائل عن رؤاك الأعصرا يا مكة البيت العتيق وزمزم = أبداً يسيل قداسة وتطهرا سيظل اسمك ما تهرأت الدنى = اسما على كل البقاع موقرا مابين مروتك الطهورة والصفا = وقف التفكر إذ رأي ما لا أرى هل كان إبراهيم يرفع لبنة = ويشد بنيان القواعد آجرا أم كان إبراهيم يرفع عزة = للحق لها حج الهدى وتعمرا فبرزت أجمل ما تكون صبية = قد صاغها رب الجلال وصورا حيث الصباح سحابة سالت على = قدميك إذ رف الضياء وأثمرا ومدارس الآيات حيث تنزلت = للناس تكتب: منهجاً ومقررا ومنائر التوحيد تصعد سلم = في الأفق فارتحل الظلام وأدبرا وملائك الإيمان تهبط موكباً = من رحمةٍ بالمكرمات مسورا قومي امنحي الأجيال وهج هداية = نحو التقدم تستفز القهقرى استنهض الماضي لأمنح حاضري = من خفق أضلاع الصحابة منبرا وأشد من أنفاسهم نحو العلا = جسراً يطل على النجوم ومعبرا وألم من ضوء العقيدة حزمة = وأعيد وجها للحياة منورا وأصوغ عن (غار) البطولة قصة = عن صاحبين على الكفاح تآزرا متعاضدين كمنبعين توحدا = فالسلسبيل هوى يؤاخي الكوثرا فلربما تصحو ضمائر أمة = هرمت تباع إلى المزاد وتشترى عبقت بك الأزمان مسكاً وانتشى = أفق العوالم من ترابك عنبرا وتبرج الإصباح فيك حقيقة = تدحو بحجتها الصباح المفترى |
أحمد العربي
الشاعر : أحمد العربي جيرة الحرم
يا جيرة الحرم المغبوط جيرته = حياكم اللَّه من أهل وخلان قلدتموني من تكريمكم مننا = تنم عن خلق بالنبل ريان أوليتموني جميلاً سوف أذكره = مدى الحياة بإكبار وإحسان لم آت أمراً جليلاً استحق به = ما نلته من حفاوات وشكران وما بذلت سوى جهد المقل يداً = لموطني ولأبنائي وأخواني فصادف البذر روضاً طيباً فنما = وطاب منه الجنْي في ظله الجاني وما بذلت سوى فرض أدين به = لموطن حبه صنو لإيماني أرض الرسالة والهدى الذي غمرت = أنواره كل ذي لب ووجدان ومولد المصطفى الهادي الذي سعدت = به البرية من ظلم وطغيان ولو بذلت له روحي وما ملكت = يداي لم أوفه ما كان أولاني يا جيرة الحرمين الأقدسين لكم = حبّي وخالص تقديري وعرفاني وليحفظ اللَّه للحرمين عاهلنا = سعوداً وليبقه ذخراً لعدنان |
الشامي
السيد أحمد محمد الشامي أم القُرى بأبي ، وبي "أمُّ القُرى" بيت الذي خلَقَ الورى "أمُّ القرى" اختيرتْ على علمٍ تقدَّسَ جوهرا كم سافرت فيه العقولُ؛ وكم تهاوَتْ حُسّرا؛ اللهُ من برأ الأوادمَ.. والشموسَ، وصوَّرا.. وله من الأسماء أحسنُ ما يُقال، ولا يُرى؛ في ذلك الوادي الجديب أمازَها وتخيَّرا.. لا في مرابع "ارِّجان" ولا سفوح "سويسرا"! سرٌّ تعالى كُنهُهُ وجلالُه أن يَظهَرا أو أن يُتَرجمَ، أو يُفَسَّر، أو يُفَلْسَف للورى. |
محمد مصطفى حمام
الشاعر : محمد مصطفى حمام من وحى الحرمين
آنست نور الله جل جلاله = ومشيت حيث مشى النبى وآله وبلغت أحسن ما تمنى مسلم = وأعز ما يسمو اليه خياله مكنت من حظى فليس بشاغلى = إدباره عنى و لا إقباله من يختتم سفر الحياة برجعة = لله طاب ختامه ومآله فضل من الرحمن كرمنى به = وهو الذى لم تجفنى أفضاله ما زال ظل الله معتصمى ويا = ويلى اذا امتنعت على ظلاله يارب جاء اليك يسألك الهدى = عبد له اوزاره وضلاله قد خال آفاق الحجاز تضيق عن = آثامه وبها تنوء جباله عبر البحار الى حماك ودمعه = آماله أو دمعه أوجاله وخطا بأرضك ذاهلا وكأنما = طفقت تطارد خطوه أعماله حتى اذا البيت المحرم ضمه = قرت بلابله وأصلح باله يارب قد بلغتنى أملى ومن = آواه بيتك لم تخب آماله أنزلت فى القلب اللهيف سكينة = لا روعه باق ولا زلزاله و أنلتنى شرف الطواف وعزه = سبحان ربى لا يغيض نواله وشفيت شوقى للحطيم وزمزم = والشوق طال على الفؤاد مطاله ولقد عببت زلال زمزم غاسلا = قلبى به . نعم الغسول زلاله قد حرم الرى الحرام على دمى = وجرى بزمزم فى الدماء حلاله ومقام ابراهيم قد جاورته = وله سناه وقدره وجلاله وسعدت بالحجر الكريم مقبلا = ومجال ازجاء الدعاء مجاله وطربت للتسبيح من طير الحمى = وهدلت لما شاقنى هداله هذا الحمى قد كنت بعض حمامه = ولكل شاد فى الورى أمثاله أنس الحمام الى حتى خلته = لي من كرام الآل أو انا آله لى شدوه . لى أمنه . ولى اسمه = إن لم يكن لى رسمه وجماله وخرجت من نسك إلى نسك كما = يهفو لاعذب مورد نهاله وصحبت موج المحرمين وكلهم = فرح وسربال التقى سرباله بين الصفا والمروة انبعثوا وهم = عرس يزف نساؤه ورجاله نشطوا فما ناء المسن بسنه = وقووا فما أعيا الهزيل هزاله هان الزحام عليهمو فى نسكهم = لا حره يشكى ولا أهواله الله ربى وهو أرحم راحم = تغنى الحجيج عن الظلال ظلاله ووقفت فى عرفات أذكر وقفة = هى موثق الإسلام وهى كماله هى وقفة للمصطفى أرست بها = ركن الحنيف يمينه وشماله زكى وعلم ثم ودع قومه = وعن الإله ووحيه أقواله صدق الوداع , ففارق الدنيا إلى = أهل السماء فأحسن استقباله ما بين أضياف السماء نظيره = ما فى كواكبها الحسان مثاله ثم ازدلفت الى( منى) والكون يملؤه = السنا والعيد هل هلاله ونحرت والجمع العظيم مكبر = ودم الذبائح قد جرى سلساله ورميت بالجمرات إبليس الذي = هو لابن آدم خسره وخباله وأفضت للبيت العتيق تباركت = أصباحه وتقدست آصاله ثم اتجهت لطيبة . طوبى لمن = شدت لمثوِ ى النبى رحاله ولقد مررت بآل بدر خاشعا = من ذا يفوز بحظهم ويناله قد عز عند الله , منصبهم فهم = عمال دين الله أو أبطاله وصدحت فى حرم الرسول مؤذنا = والشعر أطلق بالمديح عقاله فكأننى فى مدحه حسانه = وكأنما أنا فى الاذان بلاله ووقفت بالصديق جل جهاده = وأعز بأس المسلمين نضاله وصفا لفخر المرسلين وداده = وزكت لدى الله العلى خلاله وهتفت بالفاروق يا من نهجه = عدل ومنوال الهدى منواله من علم الأفيال خشيته ومن = كسرت نصال المشركين نصاله وذكرت عمار البقيع وكل من = وصلت بأسباب النبى حباله إن الذين ذكرت , آل محمد = أزواجه ,أبناؤه أنساله أصهاره , أصحابه أنصاره = والضاربون بسيفه, ورجاله ما بين مكة والمدينة موسم = لله , قد حفلت بنا أحفاله على قضيت حقوقه عندى فلا = تركت فرائضه ولا أنفاله عل المتاب قد ارتضاه البارئ = المتكبر الحى الشديد محاله وأعاذ حجى من رجيم , همه = إفساد ما قدمت أو إبطاله على من الفرق السعيد و لست = من فرق شقى أحبطت أعماله يا من يحب التائبين دعاك من = صدق المتاب فهل يجاب سؤاله؟ المسلمون ودينهم فى محنة = لم يخف حالهمو عليك وحاله وأراهمو متفرقين كأنهم = جسم سوى مزقت اوصاله وأراهمو قد مكنوا لعدوهم = فتملكت أعناقهم أغلاله صال العدو عليهمو متجبرا = واشتد فيهم بطشه ونكاله وأخال منهم من يخون عهوده = ومن الخيانة جاهه أو ماله وأخال من فساقهم من غره = إمهال رب العرش لا إهماله وأخال منهم من يتوب لعلة = فإذا انقضت غلب المتاب ضلاله يارب ألزمنا صراطك تنصرف = عنا مآسى يومنا ووباله يا من ينير الروح باهر نوره = ويزف ألوان الجمال جماله |
الساعة الآن 12:00 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir